كفري) (١) وفي السابعة اجتزنا التلول ، فوطئنا سهل البيات وهو سهل ينحدر انحدارا تدريجيّا من تلال (كفري) إلى (جمن) ، وكان سهلا كثير الزرع في هذه النواحي. وفي السابعة والربع مررنا بشعب يسيل فيه جدول صغير من مياه الأمطار. وفي الثامنة والثلث وصلنا إلى (قورو جاي) وهو مسيل واسع لم يبق فيه إلا القليل من مياه الأمطار ، ولكنها قد ملأته قبل بضعة أيام حتى إنها طغت على السهل ، كما لاحظنا من الآثار التي تركها الفيضان. وكان هنا مضرب للتركمان البيات ، فجاء رئيس العشيرة حسن أو كما ينعت أحيانا ب «قه ره قوش بك» ، يدعوني لتناول الطعام معه ، وكان رجلا نضر المحيا ، وسيم الطلعة ذا لحية لطيفة بيضاء ، وذا ذكاء مفرط ، وطلاقة لسان ، وسلوك حسن كأنه وليد حياة قضاها كلها في بلاط شرقي. وقد أخبرني بأن البيات إنما حازوا على المنطقة عطية من السلطان ولم يدفعوا مالا عنها إلى الحكومة العثمانية ، إلا أنهم لقاء ذلك مكلفون بالخدمة العسكرية في الوقت الحاضر إلى باشا بغداد عندما يقوم بحركات يقودها شخصيّا في الميدان. وأخبرني أيضا بأن نادر شاه عندما غزا واحتل المنطقة أرجع البياتيين إلى أحضان عشيرة البيات الكبرى في (خراسان) ، وأن معظم ما تبقى منهم الآن هم من عائلة الرئيس ذاته. غير أنه أضاف قائلا : وبالرغم من ذلك فإذا مست الضرورة فبوسعهم جمع ألف فارس. ويوجد في حمى البيات البعض من العرب ، والعشائر الكسيحة ، أما خيولهم فكريمة. وكان رئيس العشيرة على علم تام بوجود عشيرة البيات الكبرى في خراسان ولكنه لم يتمكن من إعلامي بتاريخ نزوح أفخاذ العشيرة إلى هذه البلاد للمرة الأولى. وفي الحقيقة أن العرب أحسن المؤرخين ، وأحسن رواة الأنساب في الشرق.
__________________
(١) وعلى الطريقة ذاتها ، تتفرع تلال حصوية فرعية من جبل حمرين فوق (قه ره ته به) ومن سلسلة (زه نك آباد).