استأذنت البك وأنا مسرور جدّا من مقابلته ومحادثته ، وامتطينا جيادنا ثانية في التاسعة فمررنا بمزارع كثيرة أغلبها حقول شعير ، وقد نضج البعض منه ، والفلاحون منهمكون بحصده. وجاءني الحصادون ببعض السنابل فألقوها على الطريق أمام جوادي وهم يصرخون «سحقا لأعدائكم هكذا ..» متوقعين بضع دريهمات لقاء ذلك ، وفي الشرق ينتهز كل حادث لاستدرار العطايا أو الهدايا.
وفي التاسعة والنصف وصلنا إلى (قيزيل خرابة) ـ الخرابة الحمراء ـ وهي على الطريق. وكانت الروابي أو الطنوف ظاهرة ، منتشرة انتشارا يمتد باتجاه حمرين وهو عن يسارنا ، حيث شاهدنا هناك ربوة كبيرة جدّا كربوة (اسكي كفري) ، وقد قيل لنا إنها من آثار الكاوور ، ومن المحتمل جدّا إنها ساسانية ، إلا أنني لا ألزم نفسي بهذا الادّعاء وأؤكده كما كان الأمر في اسكي كفري.
بعد برهة قليلة مررنا بخرابة أخرى ، والظاهر أنها متصلة بالمدينة التي تؤلف (قيزيل خرابة) قسما منها. وفي الحادية عشرة إلا ربعا مررنا بقرية بياتية كبيرة هجرها أهلوها الآن ، إذ إنهم يضربون في هذا الموسم المضارب في السهل تخلصا من البراغيث ، وسهرا على الغلال ؛ وقد شاهدنا الكثير من هذه المضارب في جميع الأنحاء.
وفي الحادية عشرة والدقيقة العاشرة مررنا بقرية أخرى كبيرة ، وقد غابت الآن عن أنظارنا جبال حمرين التي كانت عن يسارنا طيلة مسير النهار لانعطافها نحو الغرب أكثر فأكثر. وبانت لنا (طوز خورماتو) واتجاهها ٢٠ د إلى الشمال الغربي. وقبل وصولنا إليها بربع ساعة اجتزنا مسيلا عريضا جدّا ، وارتفاع المياه الجارية فيه الآن يصل إلى الركاب وعرضها بضع ياردات فقط ، أما في الخريف فيقل عن ذلك. وقد فاض المسيل من جراء الأمطار الغريزة وهو يسمى ب (آق صو) وينحدر من (إبراهيم خانجي).