ورأينا عن يسارنا وعلى مسافة ساعتين قرية (يه ني جه) ، وهي تقع على طريق البريد الحالي من بغداد إلى (طاووق).
وفي الثانية والنصف ، بعد أن عبرنا المسيل نصبت شمسيتي (١) لأستظل بها وأرسلت عريفا إلى المدينة ليهيّئ لي (السراي) (٢) وليعلن قدومي. وبعد مدة وجيزة جاءني الحاكم ووكيل عمر بك وهو المتصرف بالمدينة تصرفا تيماريّا (٣) ورثه عن أبيه ، فامتطينا جيادنا ومررنا ببساتين النخيل والبرتقال والليمون والتين والمشمش والرمان والزيتون وهي تكتنف المدينة بكاملها ، ثم أسكنونا دار عمر بك المريحة ، وكانت دارا فخمة بالنسبة إلى مسكن ريفي في بغداد ؛ أما سائر المدينة فكان كلها من الطوف ، وسكانها أتراك أغلبهم من الإسماعيلية أو «جراغ سونديره ن» (٤). أمطرت السماء بردا في (طوزخور ماتو) ليلة السبت ،
__________________
(١) الشمسية : الواقية من الشمس ، خيمة صغيرة خفيفة يمكن نصبها وتقويضها بسرعة.
ويحملها الأتراك عادة سواء في خروجهم إلى الصيد أو في تجولاتهم كلما بعدوا عن بيوتهم ، فكلما أرادوا الوقوف والراحة ـ وذلك ما يعملونه عادة في أوسط النهار لشرب القهوة ـ نصبوا الشمسية.
ملحوظة : في هذه الحاشية التباس. كانت الشمسية واستعمالها مألوفين في الغرب والشرق. وقد أطلق تعبير (الشمسية) عليها في الشرق سواء وقتنا من الشمس أو المطر. وأرى أن الشمسية الوارد وصفها في النص هي ما تشبه المظلة التي تنصب في الجنائن وعلى سواحل البحار في أيامنا هذه ـ المترجم.
(٢) أو القصر : كانت طوزخورماتو ملك عمر بك ، وهو بغدادي ، وقد أبدى الرغبة لتهيئة داره لضيافة المستر ريج وعائلته فيها.
(٣) التيمار : هي الأراضي الأميرية التي تمنح إلى البعض ليستغلوا عشر غلتها لقاء ما يجندونه من الجنود المعين عددهم وسوقهم إلى الحروب عند الطلب ـ المترجم.
(٤) «جراغ سونديره ن» أي مطفئو الأسرجة. هؤلاء أناس منتشرون في أصقاع تركيا وعلى ما أعتقد في أصقاع إيران أيضا. ومراسيمهم الدينية أو معتقداتهم معلومة قليلا أو بالأحرى مجهولة. وكل الذي تعلمه عنهم أنهم غير مسلمين ، إلا أنهم قد أخذوا ـ