وديانا ضيقة وروابي صغيرة ، وأهم هذه الجداول ، جدول أو نهر (ليلان) الذي يبرز لنا بسرعة جريانه درجة انحدار الأرض التي يسيل فيها. ومنبع هذا الجدول في التلال المار ذكرها أعلاه ، وتصبّ فيه روافد صغيرة عديدة على امتداد مجراه.
وتشمل جميع هذه الوديان ، وعلى الأخص وادي (ليلان) على عدة قرى صغيرة ، تحيط بها بساتين الفواكه والأزهار. وهي في الواقع إبان هذا الموسم تحيلها إلى جنات صغيرة بكل ما في الكلمة من معنى. وتتكون قاعدة التلال أو النجد من الأحجار الرملية الماثلة للعيان هنا وهنالك بطبقات مائلة بنفس الاتجاه والدرجة اللذين عليهما طبقات شعبة تلال (مطارا) ، ويعلو هذه طبقة جلاميد متكتلة اندثرت فكونت تربة حصوية.
تسمى هذه البقعة بلواء أو منطقة (قه ره حسن) وهي مرتبطة مباشرة بباشا بغداد ، ولا سلطة لحاكم (كركوك) عليها مطلقا ، ويساوي ضمانها سنويّا قرابة (٨٥) ألف قرش ، وهي تمتد طولا إلى مسافة ست ساعات. إن الحرب الماضية ، وغارات الكرد المستمرة قد أخفضتا كثيرا من نفوس المنطقة وحطمتا قابليتها للزراعة. ورأينا بعض مزارع الشعير ولكن أكثر الأرض التي مررنا بها كانت معشوشبة ويختلط بالعشب الكثير من القطاني البري (جاودار) والشوفان وأوراد برية لا يحصى عددها ونوعها ، هذا عدا السعتر والنعناع والبطنج. وأعالي التلال وقممها صالحة كل الصلاح كمراعي الأغنام ، أما الوديان فمراع غنية للقطعان والأسراب. وعند صعودنا النجد الذي لم يكن ارتفاعه عن سطح السهل كثيرا ـ وقد لا يتجاوز الثلاثمائة قدم ـ جوبهنا فورا بفارق بيّن في مظاهر البلاد ، وفي مشاعرنا أيضا. ويمكننا القول بأننا الآن نجونا من منطقة (كه رمه سير) (١)
__________________
(١) أو المنطقة الحارة ، والكلمة أطلقت على المنطقة الواقعة بين دجلة وجبل زغروس.