التي انتهت بقتل سعيد باشا ونصب صهره داود باشا خلفا له. إنه قام باستعدادات ممتازة لاستقبالي وضيافتي في مضربه الصغير فاستضافنا ضيافة كريمة. نصبنا خيامنا فوق مرتفع مشرف على وادي نهر (ليلان) وقد زين ضفتاه حرش ، أو جنينة صغيرة كما هو الحال في (حسين إسلام). وكان المكان لطيفا حقّا ، وقد عثرنا في الوادي على ورود سياجية كالتي نراها في إنكلترا ؛ وقد فاق شذى هذه الورود البرية في بعث السرور إلى نفوسنا وإنعاشها عطور الشرق كلها.
وبعد وصولي بمدة وجيزة ، أعلموني بمجيء عريف رسولا من موسى آغا حاكم (كركوك) التي كانت تبعد عنا مسافة أربع ساعات أو ما يعادل اثني عشر ميلا ، وكان يحمل كتاب دعوة رقيق من سيده يسألني فيه أن أنزل ضيفا عليه لبضعة أيام. وعلمت أنه قد تهيأ لاستقبالي تهيؤا عظيما ، ولكنني مضطر إلى عدم إجابة دعوته. وعلى كل فمحتمل جدّا أن نرجع بطريق (كركوك).
٤ أيار :
نهضت صباح اليوم في الرابعة والنصف وأنا أشعر بصداع شديد في الصدغين كالذي يطرأ على الإنسان عندما يجرع فجأة جرعة مثلجة من عصير الليمون ، وكلما زاد دفء النهار كلما أخذ الصداع يزول عني.
امتطينا الخيل في الخامسة والنصف صباحا وكان طريقنا شماليّا طوار وادي نهر (ليلان) وقد اضطررنا إلى الترجل فيه بين آونة وأخرى لعبور هذا الجدول الصغير. وكان الوادي ضيقا متمعجا وكان يزداد جمالا على جمال كلما توغلنا فيه. وكثيرا ما اجتزنا الأدغال المعرشة والممرات المكتظة بأشجار التوت والرمان وغيرها من أشجار الفواكه وقد تخللتها عليقات الورود. وإننا إذا رغبنا في الحكم استنادا على عرض مجرى نهر (ليلان) الحصوي ، الذي يشغل الوادي برمته تقريبا نرى أن النهر الذي لم