نقدّر له عمرا أو نرجعه إلى عهد. لقد التقطنا بعض شظايا أكواز جيدة النوع ، ذات لون أحمر غامق ، وحجرا ضخما أيضا. ولم نعثر على ما يميز لنا الطنف. وهو لا بد أن يكون ساسانيّا على الأقل ، وربما كان أقدم عهدا من الساسانيين. فمن أعلى قمته حيث أكتب هذه الكلمات ، نشرف على منظر حسن لجبال كردستان ، من (كوى سنجاق) في الشمال إلى (سه كرمه) في الجنوب الشرقي.
ويستمر السهل في انحداره إلى مسافة قليلة من حضيض الطنف ، حيث يجري (جاي) أو جدول (جمجمال) ، ومن بعده يرتفع ثانية تدريجيّا ثم يتموج السهل في وديان وتلال حتى سلسلة (بازيان) حيث نجد فيها مضيفي (سه كرمه) و (ده ربه ند). والمضيق الأخير قبالتنا تماما ، ويرتفع من ورائه جبل (بير عمر غودرون) الذي يؤلف قسما من سلسلة أعلى ، وهي صخرية جرداء على ما يلوح. و (غودرون) هو أعلى جبل في هذه الأصقاع ، ويقال إن فيه (ثلاجة) تمون كردستان بكاملها بالجليد ، أو بالأحرى بالثلج ، ومخزن هذا الثلج لا ينضب ولا يذوب. وقد شاهدنا الثلوج بين بعض شعابه.
ولأحاول الآن إعطاء فكرة عامة عن هذا القسم من سلاسل جبال كردستان كما تتراءى لي من طنف (جمجمال). فالخط الذي نراه مباشرة أمامنا ، والممتد من الشمال إلى الجنوب الشرقي هو سلسلة ضيقة جرداء شديدة الانحدار اسمها جبال (بازيان). وإلى شمال مضيق (ده ربه ندى بازيان) الذي سبق لي أن قلت إنه ماثل أمامنا ، تنعطف الجبال فجأة إلى الغرب فتؤلف جبال (خال خالان) التي تتاخم باشوية كوى سنجاق من الجنوب. وإلى جنوب مضيق (ده ربه ندى بازيان) تمتد الجبال امتدادا مستقيما إلى الجنوب وإلى الشرق قليلا ، وفي هذا القسم من الجبال مضيق آخر اسمه (ده ربه ندى باسه رره) ، تستمر الجبال من بعده في الاتجاه ذاته وتأخذ اسم (قه ره داغ) ، وتصبح جبالا مكتظة بالأشجار.