فترة سكوت وجيزة اعتقدت خلالها بأن الباشا قد تأثر بما أبنت تأثرا حقيقيّا قال «إن والدي رحمهالله كان يودك كثيرا». ولو أنه شهد هذا اليوم الذي طالما توقعه لفرح كل الفرح. وإنني كنت أفضل أن يستقبلك هو ، عوضا عني. «فأجبته» إن عبد الرحمن باشا كان صديقا أكن له بالغ التبجيل ، وإني أحترم ذكراه الاحترام كله ، إلا أنه ترك خير خلف له». وبعد أن دخنت الغلايين وأديرت كؤوس الشراب وأحرق البخور ، ورش ماء الورد ، رجع الباشا محفوفا بأتباعه كما أتى. وقبل أن يترك الخيمة أخبرني بأنه يرغب فيما إذا راق لي ذلك ، أن أدخل السليمانية بعد غد في التاسعة صباحا ، فأدركت حالا بأنه يجب أن يكون السبب في ذلك خرافة تنجيمية ، ومن الطبيعي أنني سايرته في الأمر.
ولم يكن في محمود باشا ما يميزه في شخصيته وحديثه ، ذلك أنه رجل بسيط رشيد ، وهو في الوقت ذاته رقيق الحاشية دمث الطبع ، ويقال إن أخلاقه الفردية كاملة لا شائبة فيها ، وذلك أمر لم يكن من الأمور الاعتيادية بين الكرد.
وكان اليوم كله يوم امتحان كبير لأعصابي الخائرة ولكنه ما كان يوما مزعجا لو لا قدوم التاتار. كان المنظر طريفا لا عهد لي به وكان الكرد أبعد من أن يكونوا مثار قلق وإزعاج ، وقد التقطت بعض المعلومات من الكثير منهم. لقد أردف الباشا زيارته بهدية كبيرة من الأغنام ومن المؤن الأخرى لجميع حاشيتي ، وقرر أن لا يدعني أشتري أية حاجة ما دمت في منطقته ، إلا أنني معتزم أن أضع حدّا لذلك ، حالما ينتهي استقبالي الرسمي.
٩ أيار :
قضيت صباح اليوم بكتابة رسائل رسمية وشخصية ، وبإيفاد التاتار.