وجاء بعد الظهر صديقي القديم عبد الله باشا (١) لمواجهتي ، وكان قد تمرّض مرضا موجعا طال أمده حتى كدت أن لا أعرفه من شدة تأثيره فيه ، لقد عانقني بسرعة وبلهفة ، وقد عجز من فرط تأثره عن التكلم لبضع ثوان. وهالني ما تركه المرض فيه من ضعف ونحول ، وهكذا كان تلاقينا كئيبا في بادىء الأمر ، وإن انبعث فينا الانتعاش عندما أخذنا نذكر الأيام الماضية. وكان من السهل الإدراك أن أعضاء حكومة بغداد ، ولا سيما داود باشا لم يكونوا عند حسن ظنه ، ولا أستغرب ذلك إذ إن الأتراك عاملوه معاملة قاسية ، ومما لا شك فيه أنه سينتهز بدوره الفرص ليكيل لهم صاعا بصاع بل أكثر من ذلك. لقد تكلم عن ابن أخيه باشا السليمانية الحالي بتعظيم ولطف ، وأحسب أنني استطعت أن ألحظ بعض التحرّج عنده. لقد قضى أكثر من ساعة معي وصافحني عند الوداع مصافحة حميمة.
درجة الحرارة في الخامسة ق. ظ ، ٥٦ د وفي الثانية والنصف ب. ظ. ٧٨ د وفي العاشرة ب. ظ. ٦١ د. الريح شرقية ولكنها معتدلة.
__________________
(١) عم من أعمام محمود باشا ، باشا السليمانية.