الحديث والظاهر أنه كان حريصا على عدم فوات الوقت المضروب لركوب الخيل ، وعندما أخبروه أخيرا بحلول الوقت نهضنا سوية وتقدمنا حسب الترتيب التالي :
دليل ، فبوقي ، فحامل الراية (١) ثم ثلاثة خيول مسحوبة يعقبها رئيس سواسي ثم عرفائي أو المشاة العداة وهم مدججون بالسلاح ومن ورائهم جنودي ومعهم طبولهم ومزاميرهم ، وأنا من وراء هؤلاء راكب «فينفار» وعلى كل من جانبي الجواد ماسك ركاب مسلح بالطبر والدرع ، ثم يأتي المستر (به ل لي نو) والدكتور (موران دو) فعثمان بك على جواده العربي الجميل يعقبه نسق مؤلف من زهاء ثلاثمائة من المشاة الكرد ، ويعقب البك وجماعته أعضاء مجلس الباشا ومأمور خزينتي ثم التوابع الراكبون حيث ينتهي الموكب. تقدمنا بنظام حسن جدّا نحو المدينة إذا جاز لنا تسميتها كذلك ، وهي ما كانت تبعد أكثر من ربع ميل ، وكان الجمهور المتجمع لمشاهدة الموكب غفيرا ، وما كنت أظن أن المدينة تضم ذلك العدد الكبير من الناس ، وبالرغم من ذلك ساد النظام التام ، وكان ضباط شرطة (داروغا) (٢) ينزلون ، دون أن أرى لذلك سببا ، الضربات المتوالية على من حولهم بهراواتهم الثقيلة التي يبدو أن الضربة الواحدة منها تكفي لطرح ثور ، ومع هذا بدا لي أنني كنت الوحيد المنزعج من هذا الأسلوب في فسح الطريق ، أما الكرد الذين كانت تنزل بهم الضربات المتلاحقة فكانوا يتلقونها على رؤوسهم ومناكبهم بأقل اكتراث كأنها نازلة على سندان. وهكذا وصلنا القصر وكان مدخله واطئا حقيرا ضيقا وسخا إلى درجة أظن أنها لا تليق بمسكن حاكم بل بمسكن
__________________
(١) لقد حمل راية الصليب تركي ، وعزف بوقي إيراني موسيقى المسير الإنكليزية ، وما كان العزف رديئا. (ويعني براية الصليب الراية البريطانية ـ المترجم).
(٢) رئيس الشرطة. (كلمة جغتائية يعبر بها عن منصب هو المشرف الإداري أو الجابي ـ المترجم).