سفره إلى (مالطة) بمعاونة صديق له من (بريستول) ينتمي إلى فرقة الارتجافيين (١). وبعد إقامة طويلة في إيطاليا أتقن اللّغة الإيطالية الجميلة وانكب على دراسة الموسيقى ، وذلك الفن الذي ظل يتوسع به في كل أدوار حياته بكل حماس ولذة.
ولقد لاءمت إيطاليا اتجاهه الفكري أكثر من أي قطر آخر زاره ، فكان يرجع بذاكرته إليها بسرور عظيم. وحدث أن توفي صديقه المحبوب المهذب المستر (لوك) قبل تسلمه مهام منصبه ، وعندئذ سمح مجلس المدراء للمستر ريج أن يتجه في سفرته الوجهة التي يظنها أكثر موافقة لبلوغ هدفه المنشود ، مسترشدا بآراء المستر (ويلكنس) القيمة ، وعلى هذا فقد توجه من (مالطة) إلى (إستانبول) مارّا في طريقه بجزائر يونانية عديدة.
وحدث أنه بينما كانت السفينة التي استقلها مارّة بالأرخبيل ، أن ظهرت ذات يوم سفينة ذات مظهر مريب تتجه نحو السفينة التي كان هو أحد ركابها. فحسبوا أنها كانت سفينة قرصان فاتخذت كافة التدابير الدفاعية ضدها. لكنهم وجدوا عند اقترابها منهم أنها كانت سفينة تجارية تركية فانتقل إليها المستر ريج مع جماعة أخرى. وقبل أن يمر عليه وقت طويل فوق سطح السفينة شاهد تركيّا أنيق البزة يتطلع إليه بإمعان ، الأمر الذي استرعى انتباهه. وأخيرا تقدم التركي منه وقال له :
ـ سيدي ، إني أعرفك.
فأجاب المستر ريج : وأنا أيضا قد رأيتك قبل هذا.
__________________
(١) الارتجافيون : زمرة بروتستانتية محصورة في سكان إنكلتره وأميركا ، يعتقدون بإنزال الوحي عليهم أثناء القيام بفروضهم الدينية ، وهم تهيبا لاقتبال الوحي يرجفون أجسامهم ، ولذلك أطلق الإفرنسيون عليهم اسم Les Trembleurs ، ونعتهم الإنكليز بThe Qualsers. ـ المترجم ـ.