الترك الذين قدموا فى موسم هذه السنة إلى مكّة للإقامة بها عوض الأولين خرجوا من مكّة على وجه مؤلم بسبب ما نالهم من فتك بنى حسن فيهم بالقتل والنهب.
وكان ابن عطيفة تخلى عن نصرة الترك فلم يستطع المقام بمكّة بعد خروجهم منها ، فخرج منها بعدهم خائفا يترقب.
ووجدت بخط بعض أصحابنا ما يقتضى : أنه أقام بمكّة بعد الترك ، ولعله أقام قليلا ثم رحل.
ثم ولى عجلان إمرة مكّة ـ عوض سند ـ شريكا لثقبة ، وكان بمصر حين ولايته لذلك ، فما وصل إلى وادى مرّ إلا وثقبه عليل مدنف ، فلما مات ثقبة فى شوال سنة اثنين وستين وسبعمائة ولى عجلان عوضه : ابنه أحمد بن عجلان ، وجعل له ربع الحاصل. ثم زاده بعد ذلك ربعا آخر ، ثم ترك عجلان الإمرة لابنه : أحمد ، على أمور اشترطها ، منها : دوام الدعاء له مدة حياته ، فوفى له بذلك ابنه.
واستمر منفردا بالإمرة حتى أشرك معه فيها ابنه محمد بن أحمد بن عجلان فى سنة ثمانين وسبعمائة بولاية من صاحب مصر ، ولم يظهر لذلك أثر لصغر ابنه واستبداده هو بالأمور ، واستمرا شريكين فى الإمرة ، حتى مات الأب فى العشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة.
ثم انفرد بها الولد مائة يوم ، ثم قتل فى مستهل الحجة من السنة المذكورة لما حضر لخدمة المحمل المصرى.
فوليها عوضه : عنان بن مغامس بن رميثة ، واستولى على مكّة بعد قتال وقع بينه وبين بعض جماعة الأمير المقتول ، واستولى على جدة أيضا ، ثم انتزعت منه فى أوائل سنة تسع وثمانين ، وأشرك معه فى الإمرة : ابنى عميه أحمد بن ثقبة ، وعقيل بن مبارك بن رميثة ، ثم على بن مبارك ليستظهر بهم على أعدائه ، فما وجد بذلك راحة.
ونمى الخبر إلى السلطان «الملك الظاهر برقوق» بمصر فعزله ، وولى على بن عجلان بن رميثة.