فساءه ذلك واغتاظ أن يرتكب أحد غيره ذلك فيتدخل في الأمور الدينية المتعلقة بالبلد الذي هو فيه ، إذ كان تشخيص الشيخ علي قبلة شيراز تجهيلاً للأمير غياث الدين منصور في الحقيقة ، فلذلك امتنع ومنع ولم يمكنه من ذلك وقال : إن تعيين القبلة منوط بالدائرة الهندية ، وهي متعلقة بأرباب علم الرياضي لا بالفقهاء. فلمّا بلغ هذا المنع إلى الشيخ علي كتب هذه الآية وأرسلها إليه : ( سيقول السفهاء من الناس : وما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟! قل : لله المشرق والمغرب ، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) (١) فلمّا وصل هذا إلى الأمير غياث الدين كتب إليه بهذه الآية : ( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل أيّة ما تبعوا قبلتك ، وما أنت بتابع قبلتهم ، وما بعضهم بتابع قبلة بعض. ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم انّك إذاً لمن الظالمين ) (٢).
وصار الأمير غياث الدين منصور صدرا ( رئيس الوزراء ) وكانت تبعة الشيخ علي من الأعراب يقومون بحل الاُمور الشرعية وفصلها من غير تقيّد بخطابات ديوان الصدارة ( ديوان رئاسة الوزراء ) وأمثلته ، فقويت العداوة والنزاع بينهما شيئاً فشيئاً حتى آل الأمر إلى المناقشة في مجلس السلطان ، ورجح السلطان جانب الشيخ علي ( ! ) وعزل الأمير غياث الدين منصور عن الصدارة ( رئاسة الوزراء ) ولكن قلّده الشرعيات في كلّ بلاد فارس ( شيراز ) وجعله مستقلاً في عزل القضاة والمتصدين للشرعيات ونصبهم بتلك البلاد وكتب إليه بذلك أحكاما مشتملة على الشفقة والعناية وأرسلها إليه مع خلاع فاخرة (٣).
وللشيخ حسين بن عبد الصمد الحارث الهمداني العاملي الجبعي ( ت ٩٨٤ )
__________________
(١) سورة البقرة : ١٤٢.
(٢) سورة البقرة : ١٤٥.
(٣) رياض العلماء ٣ : ٤٥٤ وكان لقب الأمير ممّا اصطلح به الصفويون على السادة الهاشميين ، كما اصطلحوا بالأمير زاده ومخففه الميرزا علي الهاشمي من قبل أمه. فالأمير غياث الدين منصور حسيني زيدي : وهو الجد الأعلى للسيد علي خان المدني الشيرازي صاحب شرح الصحيفة والدرجات الرفيعة ، كما ذكر ذلك في سلسلة نسبه في كتابه الآخر : سلوة الغريب وأسوة الأديب ، وعته في مقدّمة بحر العلوم للدرجات الرفيعة : ٣ وهو صاحب المدرسة المنصورية في شيراز.