وأوحى الله تعالى إلى بعض الصديقين : « إن لي عباداً من عبادي ، يحبوني واُحبهم ، ويشتاقون إلي وأشتاق إليهم ، ويذكروني وأذكرهم ، فإن أخذت طريقتهم وأحببتك ، وإن عدلت عنهم مقتك.
فقال : يارب وما علامتهم؟
قال : يراعون الظلال بالنهار ، كما يراعي [ الراعي ] (١) الشفيق غنمه ، ويحنون إلى غروب الشمس ، كما تحن الطير إلى أوكارها عند الغروب ، فإذا جنهم الليل ، وأختلط الظلام ، وفرشت الفرش ، ونصبت الأسرة ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، ونصبوا إلي أقدامهم ، وافترشوا لي وجوههم ، وناجوني بكلامي ، وتملقوني بإنعامي ، ما بين (٢) صارخ وباك ، وما بين متأوه وشاك ، وبين قائم وقاعد ، وبين راكع وساجد ، بعيني ما يتحملون من أجلي ، وبسمعي ما يشكون من حبي ، اقل (٣) ما أعطيهم ثلاثاً :
الاول : أقذف من نوري في قلوبهم ، فيخبرون عني ، كما اُخبر عنهم.
والثاني : لو كانت السماوات والأرضون (٤) وما فيهما في موازينهم ، لا ستقللتها لهم.
والثالث : أقبل بوجهي عليهم ، أفترى من أقبلت بوجهي عليه ، يعلم أحد ما أريد أن أعطيه » (٥).
وها هنا نقطع الكلام في المقدمة ، ونشرع في الأبواب :
____________
١ ـ أثبتناه من المحجة البيضاء.
٢ ـ في نسخة « ش » : فبين.
٣ ـ في نسخة « ش » أول.
٤ ـ في نسخة « ش » : والأرض.
٥ ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار ٧٠ : ٢٦ / ٢٨ ، عن مسكن الفؤاد ، وأخرجه الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء ٨ : ٥٨.