الثانية في مثل : تتقلّد (١) ، وتتباعد ، وتتبختر ، لاجتماع الحرفين من جنس واحد ، لعدم إمكان الإدغام (٢) ، وعيّنت الثانية ؛ لأن الأولى علامة ، والعلامة لا تحذف.
وأسكنت (٣) الضاد في مثل : «يضرب» فرارا من توالي الحركات ، وعيّنت الضاد للإسكان ؛ لأن توالي الحركات يلزم من الياء ، فإسكان الضاد التي تكون قريبا منه (٤) أولى (٥) ، ومن ثمّ عيّنت الباء في مثل : «ضربن» للإسكان ، لأنه
______________________________________________________
أمّا الثّاني فلأن التاء الأولى علامة المضارع والتاء الثّانية حرف الماضي فلو أبدلت أحدهما بحرف العلّة يلزم التغير ، أمّا في حرف العلامة فلأن العلامة كما لا تحذف فكذا لا تبدل ولا تغير على أنه لو أبدل لا يخلو من أحد الأمرين ، إمّا الإبدال بالياء أو الواو لاستلزم الابتداء بالساكن على تقدير إبداله بالألف ، والأول يوجب الالتباس بالغائب ، والثّاني يوجب اجتماع الواوين في صورة العطف وهو مستكره ، وأمّا في حرفه الماضي وهو أيضا باطل ، وأمّا الثّالث فكما أشار المصنف إليه بقوله : وعدم إمكان الإدغام ، فلما انتفى الوجهان ، تعين الوجه الأول وهو إثبات إحداهما وحذف الأخرى.
فإن قيل : بالحذف تلتبس بالماضي؟.
قلنا : لا يلتبس ؛ لأن الماضي مفتوح الآخر والمضارع مرفوع. اه غلام رباني.
(١) قوله : (في مثل تتقلد ... إلخ) يعني إذا اجتمع تاءان في فعل مضارع وكان مبنيا للفاعل حذفت الثّانية تخفيفا ، وإنما قلنا : وكان مبنيا للفاعل ؛ لأنه لو كان مبنيا للمفعول لم يحذف لقلة استعماله. اه أحمد.
(٢) لأن الإدغام عبارة عن إسكان الأول وإدراجه في الثّاني فيلزم الابتداء بالساكن ، وذا معتذر ، ولا يجوز اجتلاب همزة الوصل في المضارع ، كما لا يجوز في اسم الفاعل للمشابهة بينهما.
اه شمس الدين.
(٣) قوله : (وأسكنت ... إلخ) جملة مستأنفة فكأنها وقعت في جواب سائل بأن المضارع فرع الماضي ، والفاء في الماضي لم تكن ساكنة فينبغي أن لا تسكن في المضارع أيضا ؛ ليكون الفرع على سنن الأصل بأن إسكان الضّاد للضرورة التي هي الفرار عن توالي الحركات الأربع ، فإنه لو حرك يلزم توالي أربع حركات في كلمة واحدة وذلك مستكره. اه لمحرره عفي عنه.
(٤) أي : إليه فكلمة من بمعنى إلى كما في قوله عليه الصلاة والسّلام : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» ، أي : أنت إلي. اه سمع.
(٥) لما فيه من تحصيل الفرار من ارتكاب المحذور الذي هو توالي الحركات الأربع في كلمة واحدة في أول الوهلة بقدر الإمكان فافهم. اه لمحرره.