وأما : «ركن يركن» (١) و «أبى يأبى» فمن اللغات المتداخلة والشواذّ ، وأما : «بقى يبقى» و «وفنى يفنى» و «قلى يقلى» فلغات (٢) بني طيئ ، قد فرّوا من الكسرة إلى الفتحة.
______________________________________________________
الألف الأصلي لا يقع في لام الفعل بالاستقراء ، وإذا كان واوا أو ياء فقلبهما ألفا يتوقف على فتح ما قبلها وهو العين فثبت أن فتح العين موجود قبل وجود الألف فلم يكن الفتح لأجل الألف وإلا يلزم الدور. اه فلاح.
(١) قوله : (وأمّا ركن ... إلخ) ولما توجه أن يقال : إن عدم مجيء الباب الثّالث بغير حرف الحلق مشكل بركن يركن وأبى يأبى ، لأنهما من هذا الباب وليس فيهما حرف الحلق. أجاب عنهما بقوله : وأما ... إلخ يعني أن المثال الأول من التداخل ، والمثال الثّاني من الشواذ ، ففي الكلام لف ونشر مرتب ، ومعنى كون شذوذ لانعدام الشرط وهو وجود حرف الحلق ، ومعنى تداخل اللغتين فيه أن ركن يركن ، أي : مال يميل كنصر ينصر لغة ركن يركن كعلم يعلم لغة فيه أيضا ، فأخذ الماضي من الأول ، والمضارع من الثّاني ، والمراد بالشاذ في استعمالهم ما يكون بخلاف القياس من غير نظر إلى قلة وجوده ، وكثرته كالقعود.
ولا شك في ثبوت أبى يأبى من الواضع كذلك ، والنادر ما قل وجوده وإن لم يكن بخلاف القياس ، ويرد عليه بأنه لو كان شاذا لما وقع في الكلام المجيد نحو (أَبى وَاسْتَكْبَرَ) [البقرة : ٣٤]. فأجيب بأن الشاذ ثلاثة أقسام :
أحدها : مخالف للقياس كمسجد بكسر الجيم دون الاستعمال.
والثّاني : عكس هذا كمسجد بضم الجيم.
والثّالث : مخالف منهما كمسجد بفتح الجيم وهو مردود ولا يجيء في كلام البليغ ، وأمّا الأولان فقد يستعملان في الكلام الفصيح وأبى يأبى شاذ من قبيل الأول.
فإن قلت : لا يصح أن يكون أبى يأبى شاذا بل هو موافق للقياس ؛ إذ الضابطة المذكورة سابقا وهي كون حرف الحلق عينا أو لاما تقتضي أن يكون موافقا للقياس ؛ إذ الألف التي هي من حروف الحلق موجودة في لامه فتكون الفتحة في عينه لأجل الألف ، فكيف يكون شاذا؟.
قيل : إنّ الألف الأصلي لا يقع لام الفعل بالاستقراء فأصل أبى يأبى بفتح الباء فيهما ، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. اه حنفية.
(٢) قوله : (فلغات ... إلخ) يعني أن بقى يبقى ، وفنى يفنى من باب علم يعلم فعين ماضيهما مكسورة ، وقلى يقلى من باب ضرب يضرب فعين مضارعه مكسورة لكن ذلك لغات بني طيّىء ، وتقرير الجواب أن الأصل في هذه الكلمة اختلاف العين كسرا وفتحا ، إلا أنّ بني طيّىء استثقلوا الكسرة بعين الماضي في الأول والثّاني ، وعين المضارع في الثّالث قبل الياء ؛ لاجتماع الكسرات فرّوا عنها إلى الفتحة طلبا للتخفيف وكذا فرّوا من كل كسرة قبل ياء ـ