والأصل في : «هو» (١) أن يقال : هوا ، هووا (٢) ، لكن جعل الجمع ميما في الواو لاتحاد مخرجهما وكراهية اجتماع الواوين (٣) ، فصار : هموا ، ثم حذفت (٤) الواو لما مرّ في : «ضربتموا» (٥) وحملت (٦) التثنية عليه ، وقيل : قد فروا حتى
______________________________________________________
(١) اعلم أن الواو في هو والياء في هي من أصل الكلمة لا للإشباع عند البصريين ؛ لأن حرف الإشباع لا يتحرك ، وأيضا حرف الإشباع لا يثبت بلا ضرورة ، والواو والياء ثابتان دائما ، وإنما حركت الواو والياء لتصير الكلمة بالفتحة مستقلة حتى يصح كونها ضميرا منفصلا ؛ إذ لو لا الحركة لكانتا للإشباع على ما ظن الكوفيون ، ألا ترى أنك إذا أردت عدم استثقالها سكنت الواو والياء نحو : أنهو وبهي ، وأمّا عند الكوفيين هما للإشباع ، والضمير الهاء وحدها بدليل التثنية والجمع ، فإنك تحذفهما فيهما ، وأنت تعلم أن ما ذكره البصريون من الدليلين حجة على الكوفية وحذفهما في التثنية والجمع لا ينافي كونهما من أصل الكلمة ، فالقياس عند البصريين أن يقال في التثنية والجمع هوا ، هووا ، ولكن جعل الواو ... إلخ. اه فلاح بزيادة من الإيضاح.
(٢) قوله : (هوا هووا) وذلك لأنه إذا أريد تثنية المفرد ألحق بآخره ألف ، وإذا أريد جمعه ألحق بآخره واو من غير تغيير فيه فكان الأصل ما ذكرنا. اه حنفية.
(٣) واو الضمير والواو الذي هو جزء الضمير واجتماعهما غير جائز ؛ لأن الواو أثقل حروف العلّة ، مع أن الأول مضموم فاجتماعهما في غاية الثقل. اه فلاح.
(٤) أي : بعد قلب الواو الأولى ميما حذفت الواو الثّانية. اه شرح.
(٥) وهو أنه لا يوجد اسم كان آخره واو ما قبلها مضموم ، وأسكنت الميم ؛ لأن ضمها لأجل الواو فصار هم.
فإن قيل : لما كانت الواو مستحقة للحذف لم لم يحذف قبل قلب الأول ميما ثقيلا للتعيير ورفعا للثقل الناشئ من اجتماع الواوين في آخر اسم غير متمكن.
قلنا : لو فعل كذلك يلزم الالتباس بالمفرد ، والالتباس أشد فسادا من كثرة التغيير. اه. حنفية شرح مراح.
(٦) دفع ما قيل : ينبغي أن يقال في الضمير المرفوع المنفصل للتثنية هوا لا هما ؛ لعدم اجتماع الواوين الموجبين لتبديل أحدهما بحرف آخر بأن ما قلت مسلم ، إلا أن العدول لأجل الحمل كما ترى. اه تحرير.
والمجوز للحمل المناسبة بينهما من حيث دلالتهما على ما فوق الواحد ، واعترض عليه بأن التثنية أصل والجمع فرع فيلزم إتباع الأصل للفرع وذا غير مناسب. وأجيب عنه بأن للتثنية جهتين ، جهة الأصالة وهي دلالتها على قلة الإفراد بالنسبة إلى الجمع ، فتكون مناسبة لمفردها ، وجهة الفرعية وهي دلالتها على تعدد الأفراد ، وللجمع أيضا جهتين جهة