حتى لا يصير (١) الشخص الواحد فاعلا ومفعولا في حالة واحدة ، إلا في (٢) أفعال (٣) القلوب (٤) ، نحو : علمتك فاضلا ؛ لأن المفعول الأول ليس بمفعول (٥) في
______________________________________________________
الخطاب. وضربتني بضم التاء ، فالتاء ضمير الفاعل والياء ضمير المفعول وكلاهما عبارة عن المتكلم. اه. حنفية.
(١) قوله : (حتى لا يصير ... إلخ) أي : لو جاز اجتماعهما يلزم صيرورة الشخص الواحد فاعلا ومفعولا في حالة واحدة فلا يقال : ضربتك وضربتني بل يقال : ضربت نفسك وضربت نفسي.
فإن قيل : كثيرا ما يضرب شخص واحد نفسه عند التأسف والحزن وغير ذلك فما معنى كلامه؟.
قلنا : معناه أنه لا ينبغي أن يصير الشخص الواحد فاعلا ومفعولا ، وإن كان يوجد كذلك في حالة واحدة ، والسّرّ في ذلك أن الفاعل ما صدر عنه الفعل ، والمفعول ما وقع عليه الفعل ، فبينهما مغايرة ، فالأحرى أن لا يوجد في شخص واحد.
فإن قيل : إذا قلت : ضربت نفسي يلزم أيضا كون الشخص الواحد فاعلا ومفعولا فكما لا يصح ضربتني ينبغي أن لا يصح ضربت نفسي؟.
قلنا : قوله في حالة واحدة يفيد صحة هذا التركيب ، وذلك لأن النفس في قولنا : ضربت نفسي كناية عن الفاعل لا عينه ، لأنه اسم ظاهر غير موضوع للمتكلم ، بخلاف ياء المتكلم فإنه عبارة عنه ، فذكر النفس حالة غير حالة ياء المتكلم فيصح التركيب بخلاف ضربتني ، فإن الفاعل والمفعول به فيه ليسا بمتغايرين ؛ لاتحادهما من حيث كل واحد منهما ضميرا متصلا.
اه حنفية بنبذ من الإيضاح.
فإن النفس بإضافتها إلى ضمير ياء المتكلم صارت كأنها غيره ؛ لغلبة مغايرة المضاف والمضاف إليه ، فصار الفاعل والمفعول به فيه متغايرين بقدر الإمكان. اه من الإيضاح.
فإن قيل : إن الضرب في قولنا : ضربتني كما تعلق بكل من الفاعل والمفعول ، فكذا العلم بهما في قولنا : علمتك فاضلا فلا فرق بينهما؟.
قلنا : فرق بينهما فإن الضرب تعلق بهما معا في حالة واحدة ، بخلاف أفعال القلوب ، فإن العلم مثلا تعلق أولا بالفاعل ثم بالمفعول ، لكن لا مطلقا بل في حالة كون المفعول متصفا بالفضل وهو مضمون الجملة ، فكان الأول في حكم السقوط والمقصود هو الثّاني ، وإنما ذكر الأول لترتّب الثّاني فحسب. اه حنفية.
(٢) قوله : (إلا في أفعال ... إلخ) فيه أن أفعال القلوب قد خرج بقوله : في حالة واحدة ، والجواب أنه تصريح بما علم ضمنا ، وهذا ليس بعزيز في كلامهم لا سيما في هذا الكتاب. اه غلام رباني.
(٣) وما أجري مجرى أفعال القلوب نحو فقدتني وعدمتني ؛ لأنهما نقيضا وجدتني فحملا ـ