حتى لا تجتمع (١) الواوات في مثل : وووجل (٢) في العطف ، ومن ثمّ قيل : الأول (٣) من كلّ كلمة لا يصلح لزيادة الواو ، وحكم (٤) بأن واو : «ورنتل» (٥) أصل.
وعيّنت الياء للغائب (٦) ؛ لأن الياء (٧) من وسط الفم ، والغائب هو الذي يكون في وسط كلام المتكلم والمخاطب.
وعيّنت النون للمتكلم إذا كان معه غيره (٨) ، لتعيينها لذلك في : ضربنا.
______________________________________________________
(١) أحدها علامة الخطاب ، والثّانية واو المثال ، والثّالثة واو العطف. اه
(٢) قوله : (وووجل) يعني أن وجل مثال واوي فلو زيدت واو المخاطب ثم أدخل الواو العاطفة يجتمع واوات فكأنه يشبه نباح الكلب وهو مستكره فوجب قلبها حرفا آخر لدفع الكراهة فأبدلت التاء منها ؛ لأنها كثيرا ما تبدل منها.
واعلم أن اجتماع الواوات مستكره إذا كانت في كلمة واحدة لا في كلمتين فلا يرد الإشكال بقوله تعالى : (آوَوْا وَنَصَرُوا) [الأنفال : ٧٢]. اه فلاح.
(٣) قال بعض الشارحين الوجه المعقول في عدم زيادة الواو أولا هو أنه لو زيدت أولا فبتقدير انضمامها وانكسارها قلبت همزة نحو أجوه وإشاح ، وبتقدير انفتاحها تضم في التصغير ، فقلبت الهمزة أيضا نحو أجيه في وجيه تصغير وجه ، على أن المفتوح قد تقلب همزة كأحد وأناة في وحد ووناة وغرضهم بالزيادة زيادة نفس الحروف الزائدة إذ لو كان الغرض غيره لزادوه ، فلو زيدت الواو أولا وهو لا تخلط بالبقاء على حالها لربما نقض الفرض فرفض زيادتها. اه حنفية.
(٤) قوله : (وحكم بأن واو ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن قولكم : لا يجوز زيادة الواو في أول كلمة ما منقوض بورنتل لزيادة الواو في أوله ، ومعنى الجواب ظاهر. اه شمس الدين.
(٥) قوله : (واو ورنتل) بالفتحات وسكون النون اسم بلدة ، وقيل : الشدة ، يقال : أوقع فلان في ورنتل أي : في شدة. اه عبد الحكيم.
(٦) قوله : (للغائب) فإن قيل : تعيين الياء الغائب مطلقا غير صحيح ؛ لأنه يشكل بقوله تعالى : (وَاللهُ يَحْكُمُ) [الرعد : ٤١] ، و (وَاللهُ يَخْتَصُ) [البقرة : ١٠٥] ، فهو ليس بمذكر ولا بغائب؟.
قلنا : المراد بالله في الآية لفظ الله لا ذاته المنزه عن النقص وهو الاسم الظاهر وأسماء الظواهر كلها غيب. اه حنفية.
(٧) قوله : (لأن الياء ... إلخ) ويمكن أن يقال : بأنهم صرحوا أن الياء مركبة من الكسرتين ، والكسرة متوسطة بين الضمة والفتحة باعتبار الثقل والخفة ولهذا سموها أعدل الحركات ، والغائب أيضا متوسطة بين المتكلم والمخاطب فأعطى الياء للغائب. اه كاذروني.
(٨) قوله : (غيره) أي : غير المتكلم سواء كان مذكرا أو مؤنثا ، مفردا أو مثنى أو مجموعا ، ـ