٤ جنويه :
طلب عصر هذا اليوم مضيفنا «عيسى» منا أن نذهب غدا معه إلى الكنيسة للصلاة فيها فقبلنا على الفور القيام بهذه الزيارة. إن مراسيم العبادة تجرى بصورة بسيطة في هذه الكنيسة التي أنشئت حديثا بمساعدة الطائفة النصرانية في العمارة ويتعهد أمورها الآن راهب كلداني واحد.
وعند ما جنحت الشمس للمغيب دخلنا بهوا ضيقا صغيرا لا يتجاوز ارتفاعه أكثر من ثلاثة أمتار وهو مشيد بالطين والآجر وسطحه مشيد بأعمدة من خشب ولا منفذ له سوى بابه الصغير. ولقد مررت بستين مؤمنا مقدسا قبل أن أصل المحراب الذي كان قد بني بالطين أيضا.
كان المحراب مغطى بقطعة من قماش مورد (من الچيت) إلّا أنها لم تكن بعرضه وطوله فكانت بعض أقسامه عارية بشكل سمج قبيح. كما أني رأيت على جانب منه صندوقا من الخشب بمثابة محفظة ، وبمجرد دخولنا المحراب رأينا الخدم يشعلون ما يقرب من عشرين شمعة وتنحصر مراسم استقبال وترحيب النصارى الشرقيين في المناسبات الدينية بزيادة الإضاءة وإشعال الشموع والمصابيح.
وعلى أي حال فقد بدأت الصلاة الكلدانية. كان الراهب بعض الأحيان يتلو أدعية بصوته الأجش وأحيانا أخرى يقرأ الأطفال الأناشيد الشجية الأخاذة بأصواتهم الرقيقة. والواقع أنني لم أحس في هذه التشريفات أي تعب أو ملل قط لأنها لم تكن طويلة كالتي تحدث عندنا في أوروبا ، حتى خيل إليّ أنني أرجع القهقرى إلى عدة قرون وأشهد المراسيم الدينية على بساطتها وسذاجتها. أي أنني تمثلت العصر الذي كان فيها الأباطرة يعذبون النصارى لزجرهم وردعهم عن الديانة الجديدة والمؤمنون الجدد الذين يتخفون بين الجدر الضخمة في دار مؤمن منهم لأداء شعائرهم المقدسة بصورة سرية أو تحت سقوف الكهوف والجحور المظلمة. ولقد أوحت مشاهدتي لهذه المناظر البسيطة فكرة أنه قد يكون لهذه الطائفة في هذه المدينة النائية بعض المشكلات التي لم تستطع أن تذللها وتحلها. ولقد علمت فيما بعد أن هذه الطائفة لم يكن