الصابئة ، الذين يقبرون الأحياء!!
٧ ـ سبتمبر
عادت الحمى إلينا مرّة أخرى ـ منذ يومين ـ ولقد استعنا بكافة أطباء هذه المدينة من محليين وأوروبيين لكي نقضي على دابر هذا المرض الخبيث قبل أن يستفحل خطره ويتمكّن منّا!
والواقع أنه لو لا جهود ومساعي رسل الإنسانية أولئك ولا سيما طبيب القنصلية الخاص ما استطعنا أن ننجو من قبضة هذه الحمى الخطيرة (١). ولقد بذل طبيب القنصلية جهودا جبّارة سنذكرها له دائما بلسان يلهج بالشكر لإخلاصه ومودّته. فلقد كان يزورنا كل يوم مرتين ويعالجنا بتدقيق وعناية فائقة ولعلمه بأضرار الكنين الكثيرة ـ وهو الدواء الوحيد لمعالجة الحمى هذه ـ فقد كان يستعين في أغلب الأحايين بمعالجتنا نفسيّا وبتقوية أرواحنا المعنوية لتحمّل آلام ومشاق هذا المرض. إن إصابتنا بهذا المرض كان محتملا. إن بقاء مدّة خمسة عشر يوما في الفيلية تلك المنطقة القذرة بغير عمل ولا رغبة منا والتقلّب على أمواج شط كارون وتغير المناخ فجأة وقرب فصل المطر وعدم الوصول إلى بساتين هسپريد (٢) كان كافيا في أن يبعث اليأس في نفوس من هم أكثر منّا صبرا
__________________
(١) هي حمى الملاريا.
(٢) Hespriedds إشارة إلى بنات «انلاس» الثلاث اللاتي كان لهن بستان خرافي أثماره تفاح من الذهب وفيه ثعابين كل منها له مائة رأس. وهذه الثعابين تقوم بحراسة هذه الأثمار الثمينة لذلك لم يجرأ أحد على التقرّب من هذه المحاصيل الذهبية حتى إذا جاء البطل هركول أبدى شجاعة خارقة واستطاع أن يدخل هذا البستان ويقتل الثعابين ويتصرّف