أرتد ملابس كثيرة وأني لم أجلب معي حقيبتي ..
على أي حال لا يجديك الندم شيئا الآن. انهضي وخذي هذه الفلوس واشتري بها خروفا واذبحيه وتدثري بجلده الذي فيه الصوف ، وبذلك تستطيعين اتقاء نفسك من لسعة الجو وبرودته .. وبالمناسبة قولي لي ما ذا قدمت لمارسل من غذاء؟
لم أقدم إليه أي شيء. الطعام موجود بأجمعه دون أن يمسه أحد قط. يخيّل إلي أن الأعراب قدموا إليه رزا مع لبن حامض ..
وهنا رأيتني أتألم لشيء جديد لم أكن أنتبه إليه من قبل وهو أنني لم استطع القيام من فراشي لتهيئة الطعام لزوجي ولاح أمامي المصاعب والمشاق الكثيرة التي سيلاقيها زوجي في تناول طعامه ما دمنا نحن الاثنتان طريحتي الفراش؟!
١٠ جنويه :
لا أمل في الراحة أبدا إذ ما زالت أمامنا مسافة طويلة. وما كادت الشمس تبزغ حتى علت أصوات المرافقين لنا وقالوا إنه ينبغي لنا اغتنام هذه الفرصة والمبادرة إلى الحركة سريعا ، لأن هذا الفصل سريع التقلب وليس من الممكن الانتظار فيه لطقس جيد مشمس.
مع أني قضيت الليلة السابقة في أتون الحمى الملتهب وأصبحت تعبة مرهقة الأعصاب أقول على رغم ذلك فما كادت تبدو بشائر الصباح وتشرق الشمس من البرج الشرقي وتبدو الصحارى أمامي مزدهرة جميلة حتى سرى النشاط في عروقي وتململت في مكاني وامتطيت صهوة جوادي بعد بذل قسط من الجهد الجهيد.
وفي البدء عبرنا خلال مياه آسنة كانت قد تجمعت بسبب الأمطار الغزيرة الهاطلة ثم أخذنا نسير في طريق تقع على امتداده سلسلة من التلال الكبيرة.
على الجانب الأيمن والأيسر منا تبدو قطعان من الجمال وهي ترعى الكلأ ، كما أنه يبدو من البعيد بعض الجبال المرتفعة التي تلألأ قممها المزدانة