أكاد أكون عارية ولم يغطني شيء؟
ماذا صنعت بعباءتك وقبعتك إن حقيبتك كانت مملوءة بالملابس فأين هي الآن أفقدتها في الصحراء؟
أسفا أسفا .. إنني لا أريد أن أراها مرة أخرى فكروا في تهيئة قبر تدفنوني فيه.
من الطبيعي أننا نهيئ لك قبرا مناسبا لا تشكي في هذا أبدا ولكن الآن أجيبيني عن الأسئلة التي أطرحها عليك. ماذا عملت بحقيبتك .. أين هي الآن؟
بقيت في دار صديقكم عيسى في العمارة.
لماذا لم تجلبيها معك؟
ذلك لأنه في الليلة السابقة لحركتنا أرسل المتصرف ـ نائب الحكومة في العمارة ـ إليّ شخصا يسر بأذني طلبه لمقابلتي. وعند مقابلتي لهذا الرجل الذي أدعو الله بأن يجعل نساءه عقيمات إلى الأخير قال لي : «سمعت بأنك تقدمين على خدمة هؤلاء الأوروبيين وتريدين أن تصحبيهم إلى «خوزستان» قلت له : «أجل يا حضرة سيدي المتصرف وأي سوء في هذا» قال : «إنني لوحت إلى سيديك بالمخاطر الكامنة في هذه السفرة ولقد أديت ما كان مطلوبا مني في هذا الشأن لأمنعهم من القيام بهذه الرحلة ، ولكنه بالرغم من ذلك لم يجد معهم ذلك شيئا. وهذا بالطبع لا يعنيني كثيرا ولا يخص مسؤوليتي البتة ، ولكنك أنت لما كنت من تبعة تركيا فلا أريد أن تهلكي في هذا الطريق غير المأمون لذلك أنصحك بأن تتركي هؤلاء المجانين وتعودي إلى بغداد». ولقد شكرت للمتصرف عواطفه الجياشة تلك ووعدته بأنني سأقفل راجعة إلى بغداد وأترك خدمتكم ، ولكنني في الواقع كنت أخدعه لأني لم أستطع أن أتخلى عنكم بعد أن طعمت من خبزكم ودنت بفضلكم العميم وإنني أحفظ حرمة العهد وأحترم «الملح والخبز». ولست على أي حال بالجاحدة أو الكافرة بالنعم .. لذلك جعلت حقيبتي عند مضيفنا عيسى وارتديت أقدم ملابسي وكيلا أخجل منكم كنت أسير دوما في مؤخرة القافلة .. لهذا السبب أصبت بالحمى وبالسعال وكم أتأسف الآن على أنني أصغيت لكلام المتصرف وصدقته ولم