وعند ما بدأنا بالحركة أحسست بأنهما انقلبتا إلى خشبة يابسة حتى أنني لم أستطع أن أحركهما قط وهزتني قشعريرة شديدة بحيث حالت دون أن أستطيع الامتطاء. ولكنه لم يكن بد من الركوب على أي حال والإسراع في السير كيما نصل إلى مكان نتقي به من هذه العوارض ونحفظ أنفسنا مما قد ينتظرنا من أحداث.
بلغت الساعة الثامنة ولم يبد للشمس أثر ، وعاد المطر يهطل مرة أخرى ومرافقونا يذهبون يمنة ويسرة كالمجانين بين القصب وأحراج المستنقع وبعد لأي اهتدوا إلى الطريق السوي وعلموا بأنهم بدل أن يذهبوا نحو المشرق كانوا قد ذهبوا نحو الجهة الأخرى خطأ.
لقد لقيت الأمرين في هذا المكان الذي نزلنا فيه. وبعد تلك القشعريرة التي تعرضت لها أصبت بحمى شديدة وتسارع نبضي وأخذت أتألم في جميع عظام جسمي. وأخيرا وبعد إحدى وثلاثين ساعة من التوقف والحركة بلغنا مضارب قبيلة جوئريج. ولو لم يمسكني زوجي والمرافقون عند هبوطي من على ظهر جوادي لكنت أقع على الأرض ويدق عنقي. ولقد حملوني بعدئذ على أيديهم إلى خيمة وسيعة ووضعوني على الأرض بجانب بعض الخراف والنعاج الصغيرة. وتلفت حولي فلم أجد لحافا أو بطانية أستطيع أن أتدثر بها إذ كانت جميعها مبللة بماء المطر إلّا أنه من حسن الحظ أن تلك الحيوانات القريبة مني قد عملت على تدفئة المكان وشعرت ببعض الراحة والاطمئنان. ونقلت بصري فإذا أنا بطباختنا وهي مطروحة على جانب من جوانب الخيمة تسعل سعالا شديدا ولا يغطيها شيء سوى قطعة من قماش ربطت بها رأسها فقط ، وطباختنا هذه كانت الثامنة عشرة من عدد اللواتي عملن في خدمتنا.
ولقد آلمني كثيرا منظرها المحزن حتى أنني نسيت ما كنت فيه من ألم وعذاب ورأيتني أقول لها : «سروپا ـ وكان هذا اسمها ـ أتشكين ألما أنت الأخرى؟ أمريضة؟»
مريضة .. لا لا .. ولكنني على شفا هاوية الموت. إنني أشكو حمى شديدة ويخيّل إليّ أنني أصبت بذات الجنب وبالروماتيزم .. أولم تريني أني