عندما حل الغروب راحت قطعان الماشية إلى الزرائب والحظائر من المراعي التي أخذت إليها في الصباح. وكان منظر الخراف والنعاج وهي تتراكض بعضها في أثر بعض والجمال والبقر وهي تسير في تثاقل وتأن جميلا يبعث على النشاط والحيوية.
وبمجرّد أن دخلت تلك الماشية إلى المحال المخصصة لها واطمأنت إليها هجم الرعاة من النساء والرجال على خيمتنا للتفرج علينا ، وكان عدد هؤلاء كبيرا بحيث لو أن رئيسهم لم يردهم إلى خيمتهم لكانوا قد خنقونا على وجه التأكيد.
كانت نساؤهم جميلات الملامح يرتدين ملابس طويلة تدل على العفة والنجابة. ولها طيات من الأمام والخلف وكانت على رؤوسهن عمات طويلة من أقمشة شتى. أما زينتهن فكانت مقصورة على بعض الأساور من الفضة والزجاج والخواتم الرخيصة الأخرى. والخلاصة أن جميع النساء والرجال أحاطوا بالنار التي أشعلوها لتدفئتنا وأنني استطعت في ضوء الموقد الخافت أن أتطلع إلى المنظر الجميل الذي كان مرتسما أمامي. والواقع أن هاته النسوة البدويات بقاماتهن الفارعة وسماتهن الجذابة وشعورهن المضفورة والمتدلية إلى ما يقرب النحور يستحقن كل تمجيد وتحسين. وإنني سررت كثيرا بمشاهدتهن لدرجة أن نسيت مرضي تماما.
إن سكنة هذه المناطق البدوية لم يعرفوا شيئا من حضارة المدن قط وإنهم يعيشون بخصائصهم الذاتية في هذه المحلات النائية ويديرون أسباب