وليس من المستغرب أن يقوموا بأعمال وحشية وجرائم فظيعة عندما يكونون في مثل تلك الأحوال. هذا إذا كانت الكمية قليلة فكيف بنا وإذا زادت الكمية عن المقدار الطبيعي؟!
ومجمل القول أن مثل هذه الأحكام التي يصدرها الشيخ ليس لها استئناف في مضارب قبيلة بني لام. بيد أنه في القبائل الأخرى يختلف الأمر عن ذلك ، فمثلا في قبائل عنزة وشمر التي من القبائل الشريفة لا تنتهي المحاكمة بهذه السرعة والسهولة ، وفي أغلب الأحيان لا تنتهي إلّا بعد مقتل أحد أقارب الخاطف أو اغتياله هو نفسه وإلّا فاللطخة السوداء ستبقى عالقة في صفحة شرفهم وأنهم يبقون متوارين عن الأنظار؟!
لم تستطع الدولة التركية من إخضاع هذه القبائل لإرادتها وكم تكون سعيدة بأنها لو استطاعت أن تجبي منها بعض الضرائب دون اندلاع نار الحرب ودون إراقة الدماء ، إذ كثيرا ما تمتنع عن دفع الضرائب وتضطر الحكومة التركية من تسيير جيش إليها لقبض تلك الضرائب فقط ، وحتى بهذه الواسطة لا تستطيع من تسلم أي مبلغ في أغلب الأحيان ، إذ تطلع هذه القبائل على حركة الجيش الشاخص إليها سلفا ويختفون في الأهوار التي لا يعرفها أحد سواهم ، وحتى لو عرف قائد الجيش بمحل اختفائهم فإنه يخشى وروده لما في ذلك من مخاطر ومهالك قد تودي بجيشه كله. وكثيرا ما يحدث أن يعود الجيش إلى بغداد مرة أخرى دون أن يقبض دانقا واحدا.
وفي الأحوال التي تؤخذ القبيلة على حين غرة تبادر إلى طي مضاربها