في يوم ما فإن هذه الشركات ـ ولا شك ـ ستعلن إفلاسها ولا يسعها أن تعمل البتة!
على مقربة من الجهة اليمنى توجد أشجار على أرض معشوشبة زاهية وهذه الأشجار هي أشجار غابة يعدها أهالي هذه المنطقة مقدسة لم يمتد إليها معول ولا فأس وإذا سولت لأحدهم نفسه أن يقتطع منها ساقا أو جذعا فإنهم يعتقدون أنه يموت بسبب ذلك إن عاجلا أو آجلا بما لا يقبل الشك أبدا.
وعلى جوانب هذه الغابة خيم بعض الأعراب لحراستها ومنع الاقتراب منها إن حدث ذلك. ولعل هذه الحراسة تقليدية أو أنها وضعت لحراسة مقبرة تنزل من نفوس السابلة منزلة التقديس لأحد أبناء الإمام الكاظم المدفونين هناك.
ومن الجدير بالذكر أنه أجيز لهؤلاء الحراس برفع الأغصان اليابسة والمتساقطة على الأرض فقط وإشعالها في الشتاء. أما الأغصان الطرية فمحظور عليهم الاقتراب منها حتى أنهم يفضلون الموت بردا على أن يمدوا أيديهم إليها.
وإذا سألت عن علّة هذا التقديس فلا يستطيع أحد منهم أن يجيبك. وأعتقد أن هذا التقديس من بقايا طقوس وشعائر كانت عند العيلاميين لأن الروايات القديمة تذكر أن أهالي شوش كانوا يخفون آلهتهم في هذه الغابة!
١٠ ـ ديسمبر :
من المعروف أن المصابين بالأمراض النفسية يعالجون في العادة في ركوبهم بالسفن التي تمخر عباب البحار والأنهر للاطلاع على مناظر الساحل الجميلة. ولكن الأمر يختلف هنا في نهر دجلة إذ لا يستطيع المرء أن يشاهد أي شيء على ضفتيه ذلك لأنه يقع في واد عميق ولا يبدو شيء من مناظرها الممتعة للناظر!
عبرنا هذا الصباح من نهر صغير كان يقع على جانبنا الأيسر وبعد عدّة دقائق بلغنا مدينة العمارة ووقفنا عندها. أبنية هذه المدينة جديدة وجميلة وتمر