الفرنسية التي تبدو مهشمة متهدمة على رغم إنشائها بعد الاستحكامات الإسلامية بزمن قد يطول أو يقصر وعلى رغم الترميمات التي تجري عليها بين فترة وأخرى ، حتى لتبدو للناظر أنها منشأة في أزمان هي غاية في البعد على حين تبدو اخواتها الإسلامية كأنها انشئت منذ أيام معدودات. وفي اعتقادي أن مردّ ذلك إلى المناخ الذي ساعد على أن تحافظ الاستحكامات الإسلامية على رونقها وشبابها بينما عمل مناخ فرنسا الممطر القاسي على تصدّع استحكاماتها بسرعة .. وليس من البعيد أن يكون ثمّة سبب آخر وهو وجود خصائص في فن العمارة الإسلامية ساعدت على ذلك.
توجد بين هذه الاستحكامات ـ في الداخل والخارج ـ مقابر واسعة كبيرة تسمّى بمقابر الشيخ عمر ، ولهذه قبة مخروطية الشكل مزينة ببعض المقرنصات الجميلة من الخارج التي تترك آثارا جميلة أخرى في الداخل.
وعند ما تيمم وجهك شطر المدينة تدخل إليها من زقاق ضيّق يبدو إليك للوهلة الأولى أنه هادئ ، ينتهي إلى مقبرة الشيخ عبد القادر التي اندلعت من أجلها نار الحرب وقصدها السلطان مراد من اسطنبول ليقوم بتعميرها. قبة هذه المقبرة مسطحة ولها منافذ كثيرة ، وبجانب هذه توجد قبة أخرى جميلة الشكل مصنوعة من الكاشي الملوّن ولكنها أصغر من تلك ، ويغلب على الظن أنها منشأة على الأسلوب الإيراني الذي كان معروفا في أيام الصفويين وتحت هذه القبة يوجد فناء الضريح ..
وللمقبرة صحن كبير واسع الأرجاء تحيط به من الجوانب حجر يشغلها المسافرون والفقراء والدراويش بالمجان. وعلى بعد قليل توجد مدرسة لتعليم الكتابة والقراءة وأصول الدين والفقه. هذه الأبنية الأخيرة ومنارتان مرتفعتان قد ضمتا إلى المقبرة في زمن قريب (١) ..
وعلى مقربة من المقبرة رأيت أبنية ومنائر أخرى كمسجد ومقبرة الشيخ
__________________
(١) بل المنارة القريبة من الباب الغربي المقابلة لدركاه النقابة عتيقة من أبنية القرن العاشر للهجرة. «المترجم»