ويأخذون في رميهم عن كثب ثم يفرون ويتوارون عن الأوجه. وكثيرا ما يحدث أن تسقط تلك الحجارة بين أطراف الدواب ويسبب ذلك سقوط ما تحمل من بضائع ، وعندما ينهمك رجال القافلة في تدارك ما حدث يأخذ الأطفال في السخرية منهم وضجيج قهقهتهم يشق عنان السماء!
وعلى هؤلاء الزوار الإيرانيين طبعا تحمّل كل تلك المصاعب والمشاق ومقابلتها بصبر وأناة ، وألا يفكروا في يوم من الأيام بتقديم شكوى إلى السلطات التركية أو إقامة دعوى في المحاكم ذلك لأنهم لا يصلون إلى نتيجة تذكر إذا ما قاموا بمثل ذلك فالمسؤولون الترك ـ في الواقع ـ يشجعون تلك الحوادث ، أو تحدث بوحي منهم ، وإن كل شكوى من هذا القبيل تقابل بسخرية واستهزاء!!
* * *
١٧ ـ ديسمبر :
اليوم عيد ولقد استيقظنا في الصباح على رنين جرس الكنيسة وذهبنا مع موظفي القنصلية الكاثوليك لأداء فريضة الصلاة في كنيسة كبيرة تبدو نظيفة بعض الشيء ، وتدير أمورها هيئة مذهبية فرنسية قدمت إلى هذه البلاد منذ سنين عديدة. ولقد أنشأت هذه الهيئة مدرسة كبيرة تلامذتها كلهم من أبناء مدينة بغداد ، وهم يدينون بأديان ومذاهب مختلفة ولكنهم جميعا يجلون أساتذتهم والقائمين على تربيتهم وتثقيفهم. ومنهاج هذه المدرسة مقتصرة على الدراسة الابتدائية ولقد وجدت التلامذة يبدون شوقا ورغبة في تعليم اللغة الفرنسية والنطق بها وكم أحس بسرور طاغ عندما أسمع في الأزقة والأسواق الكلمات الفرنسية بدل الإنكليزية.
ولهذه الهيئة مدرسة أخرى في البصرة. وتؤدي هاتان المدرستان نتائج بعيدة في تثبيت نفوذ فرنسا في الشرق وتوسيعه ، وإنني لمست آثار ذلك خلال سفرتي هنا وهناك بحيث أثلج صدري!!
ويستعين الرهبان على أداء رسالتهم هذه بالراهبات اللاتي يقمن على تدريس وتعليم البنات التركيات .. وهذا التعليم في العادة يكون أقل مما يلقن