وقد سجلت في رحلتها فوائد طريفة في عادات العراقيين وألبستهم ، وأحوالهم الاجتماعية الأخرى تسجيلا مفصلا يجعل رحلتها إلى القصة أقرب منها إلى الرحلة ، فلا ينفك القارئ فيها مقبلا على قراءتها حتى يتمّها مشغوفا بها ، مفتونا بما يتخلّلها من ملحوظات بارعة ، ونكت فائقة ، وانتقادات مرّة ، وفضول غريب يصوّر لنا طبيعة نسوية خاصة لا أثر لها عند السياح ، ولا عند كثير من النساء ، ويمثّل طرازا من التفكير ينبغي لنا أن نطلع عليه ، كما يعرب لنا عن حقيقة إخلاصها لزوجها ، ومكابدتها المشقات من أجله ، وأسلوب هذه السيدة السائحة أسلوب أدبي بارع ممتع ، تعمدت فيه الإطالة خوفا من الملالة ، التي تنشأ في العادة من الأسلوب الرياضي المألوف في أكثر الرحل الجافة ، فالرحلة قطعة أدبية جميلة.
هذا وأرجو أن يستفيد قراء العربية المولعون بالرحل من هذه الرحلة فوائد جليلة في الاجتماع والتاريخ والآثار والذوق الأدبي.
د. مصطفى جواد