وبمجرّد أن رجعنا من الكنيسة إلى الدار بدأت حركة الزيارة ، فالرجال كانوا يذهبون إلى الصالون الرسمي الخاص بالقنصل والنساء إلى حجرة زوجه الكريمة.
وهؤلاء النساء جميعا (١) يلبسن عباءة تسمى ب (إيزار) عند ما يتركن الدار وهي مصنوعة من قماش حرير ملون بألوان زاهية جميلة ومزينة بأسلاك من الفضة والذهب. وهذا (الايزار) يغطي أجسام تلك النساء الجميلات من قمة الرأس إلى أخمص القدم بحيث لا يبدو منهن شيء. والشابات منهن يضعن فوق رؤوسهن طاقيات خفيفة مزينة بأسلاك من الذهب والفضة ولا سيما على حواشيها ولهذه الطاقيات الجذابة بما يشبه الذيول تتدلى عادة على جانبي الرأس ويمتد منها ضفائر من شعرهن الطويل تصل بعض الأحيان إلى النحر.
أما النساء المسنات فإنهن يضعن على رؤوسهن طاقيات من نوع آخر وتتميز بطولها وانها مبطنة من الداخل بالقطيفة اللماعة وأنها تخفي جانبا من جبينهن.
وتلبس الأمهات والأخوات عادة أثوابا حريرية مزركشة مكونة من قسمين علوي وآخر سفلي وهي مكشوفة الصدر وضيقة عند الحاجة لإبراز مفاتن الجسم! كما أن هذه الأثواب في الغالب مزينة بأسلاك من المعدنيات النفيسة أيضا. ولم تكتف نساء هذه المنطقة بكل هذا بل يغرفن أنفسهن بالحلي الذهبية والجواهر النفيسة لدرجة كبيرة بحيث إن مخزن أكبر كنيسة لا يستطيع أن يضاهيها وينافسها ..
وأكثر هذه الحلي هي أطواق ذهب غالية وزنارات وأسورة وأقراط وخواتم تغطي أجسام النساء ، وهن يتفاضلن فيما بينهن بعدد وكثرة تلك الحلي. وأعترف ـ بلا مواربة ـ بأنني مهما أوتيت من مهارة وحذق في الكتابة لا أستطيع أن أصف جمال وجاذبية النساء الكلدانيات. ولكن المؤسف أنهن مثل النساء الأخريات في هذه البلاد ـ اليهوديات والمسيحيات والمسلمات ـ
__________________
(١) تعني السائحة الكاتبة نساء النصارى وبناتهم ، وهذا الوصف يدل على غناهم وثروتهم يومئذ. «المترجم»