الترامواي المترجرجة فطفح بعض ذلك على ملابسي. والغريب أن صاحبي هذا أخذ يلعن الأرض والسماء لا لشيء إلّا لأنه فقد بعض عسله!! أما ما سببه لي من تلويث ملا بسي فلم يكن بالبداهة بالشيء المهم عنده.
إن كنا قد لقينا كل تلك المصاعب والمشاق في سفرتنا القصيرة هذه ولم نستطع أن نصل إلى نتيجة مفيدة تذكر ، فمن حسن الحظ أنه قد وعدنا المسيو «موجل» الذي يعمل هنا كمهندس أن يعطينا صورة واضحة للمقبرة بكافة مرافقها بعد أن نقلنا إليه تفاصيل سفرتنا غير الموفقة هذه.
ولقد كان يقول المسيو موجل إنه أيضا لم يستطع الدخول إلى المقبرة بحرية لكونه نصرانيّا ولكنه اختلت ذات يوم الساعة الدقاقة الكبيرة فيها فطلب منه إصلاحها وعندئذ حمل مع أدواته الهندسية آلات تصويره الدقيقة والتقط عدّة صور من على سطح المقبرة ومن جوانبها المختلفة ..
ولقد وفى المسيو موجل الطيب القلب بوعده فأعطانا تلك الصور الجميلة ، فشكرنا له جميل عاطفته وحسن مودته!!
والخلاصة .. أننا أمضينا بقية ذلك اليوم نتجاذب أطراف الحديث ونحن متحلقون حول المدفأة بمجموعنا .. ولقد اكتشفت أن لمدام پرتيه زوج القنصل الفرنسي صفات جديدة أخرى ، فقد بدت صاحبة نكتة حاضرة وبديهة سريعة كما أنها حدثتنا بلسانها العذب عن معرفتها لكثير من السياح والمسافرين الأجانب الذين زاروا هذه البلاد وعرضت علينا صورا جميلة رسمتها بيدها ، والواقع أنها كانت صورا تدل على مهارة وحذق في فن الرسم ومن تلك الرسوم كانت مشاهد تمثل شخصيات يهودية مضحكة رأتها بعينها. ومما ذكرته لنا قولها : هل أتيح لكم مشاهدة المسيو ...؟ إنني لا أود أن أذكر لكم اسم هذا الشخص ولكنني أود أن تعرفوا أي آدمي كان هذا؟ ويكفي أن أذكر لكم أن صاحبنا البطل هذا قد ساح جميع مناحي ومناطق الحبشة وأنه زار الهند أيضا. فهل عرفتم أي عالم متبحر كان؟ وأنه كان صاحب مرتب ألف وخمسمائة فرنك شهريّا لا يدري كيف يصرف هذه المبالغ الكبيرة وفي أي الوجوه.
وبمجرد وصول هذا الشخص المحترم إلى بغداد وقد كان صديق نكوس