ب «تبى» (١) «؟» إلّا أنه ليس لها تلك المزايا التي ذكرت في التوراة من أنها تعيد إلى العميان النور. ذلك لأن العميان الكثيرين الذين في بغداد اليوم يثبتون هذه الحقيقة التي أقولها! ولكنها على رغم ذلك تعد مصدرا مهمّا من مصادر غذاء الطبقات الفقيرة في هذه البلاد الذين لا تسمح حالتهم المالية بشراء لحوم الغنم الغالية فيعتمدون في غذائهم على لحوم هذه الأسماك الرخيصة عوضا عن ذلك.
وفي هذه الأثناء حدث هرج ومرج إذ ذعرت الحمير لمفاجأة الترامواي لها ورمت أحمالها على الأرض وأخذ أصحابها يسبون ويلعنون سائق الترامواي بلهجة خشنة والسائق يجيبهم. والواقع أن ذلك كان مشهدا تمثيليّا رائعا وما كان أشد أسفي على أني لم أفهم معاني هذه الألفاظ المتبادلة بالضبط ولم أستطع أن أحفظها لسرعة سير الترامواي!
ولقد علمت أن السفرات الأخيرة بين بغداد والكاظمين تتم على هذه الشاكلة كل يوم وأنه كثيرا ما تقع حوادث مؤسفة يذهب ضحيتها عدد من الركاب ولكن الأمر الذي يبعث على العجب والدهش هو أنه لم يرفع أحد عقيرته بالشكوى عن تصرفات السائقين تلك ، وأغرب من ذلك أن هؤلاء السائقين لا يعدون أنفسهم مسؤولين عن تلك الحوادث المؤسفة بل يردونها إلى أحكام القضاء والقدر وما يريده الله لعباده. والمهم أننا وصلنا إلى المنزل سالمين ، لم يحدث لنا في هذا الطريق الخطر ما وقع لجماعة من الركاب من حوادث كسر الأيدي والأرجل وما شابه ذلك ، إلّا أن خادم القنصلية المسكين لاحقه الشؤم ولم ينج من تلك الأحداث فكان نصيبه أن فقئت إحدى عينيه وأصابته رضوض وعدة جراح في رأسه! ولو أردت الدقة لقلت بأن الشيء الوحيد الذي كان لحقني هو أن تلوثت ملابسي بكمية كبيرة من العسل ، إذ كان أحد الركاب يحمل معه كوزا من العسل لم يستطع أن يحافظ عليه خلال حركة
__________________
(١) المعروف عند عامة أهل بغداد أنها تسمى «البزّ» فلعلّ السائحة أخذت الاسم من منطقة أخرى. «المترجم»