ابن أبى سفيان كعبا فقال : أسألك بالله العظيم هل تجد (١) لنيل مصر ذكرا فى كتاب الله عز وجل التوراة (٢)؟ قال : أى والذى فلق البحر لموسى إنى لأجده فى كتاب الله ، أن الله يوحى إليه عند ابتدائه : إن الله يأمرك أن تجرى على كذا ، فاجر على اسم الله. ثم يوحى إليه عند انتهائه : إن الله يأمرك أن ترجع فارجع راشدا. يعنى يوحى إليه عند انتهاء النقص والزيادة (٣).
قال المسعودى (٤) : وليس فى الدنيا نهر يسمى بحرا ويما غير النيل ، [لكبره](٥) واستبحاره. وأشار إلى قوله تعالى : (فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ)(٦). قال ابن عباس : يريد النيل ، وذلك أنها جعلته فى تابوت وألقته فى النيل ، فحمله الموج إلى دار فرعون ، فأخذه ورباه صغيرا لأمر يراد.
قال : وليس فى الدنيا نهر يزيد بترتيب ، وينقص / بترتيب ، غير النيل (٧).
وذكر أبو قبيل (٨) : أن نيل مصر فى زيادته يفور كله من أوله إلى آخره ، وهذا هو السبب فى تكدره ، لأن العيون إذا نبعت من الأرض اختلطت بالطين فى حال نبعها فتكدرت. قال : وأجمع أهل العلم على أنه ليس فى الدنيا نهر أطول مدا من النيل ، يسير مسيرة شهر فى الإسلام ، وشهرين فى النوبة ، وأربعة أشهر فى الخراب حيث [لا عمارة
__________________
(١) «تجدا» فى نسخة ح.
(٢) «فى التوراة» فى نسخة ح.
(٣) نقل ابن العماد هذا النص بتصرف من الفضائل الباهرة نقلا عن الكندى. انظر : ص ١٥٨ ـ ١٥٩.
(٤) راجع قول المسعودى فى مروج الذهب ، ج ١ ، ص ٣٤١.
(٥) «لكثرة استبحاره» فى نسختى المخطوطة. والمثبت من مروج الذهب ، ج ١ ، ص ٣٤١.
(٦) سورة طه ، جزء من آية (٣٩). وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٣ ، ص ١٤٧.
(٧) عن هذا القول انظر : تاريخ الطبرى ، ج ١ ، ص ٢٠٠ ، ٢٠١ ، ٢٠٣ ، ط. دار القلم ؛ ابن كثير : قصص الأنبياء ، ص ٢٦٦ ـ ٢٦٨ ، ط. دار إحياء الكتب العربية ، د. ت ؛ الفضائل الباهرة ، ص ١٥٩ ـ ١٦٠.
(٨) أبو قبيل هو : حى بن هانىء بن ناضر المعافرى ، يمانى قدم واستوطن مصر ، وروى عن عقبة بن عامر ، وعبد الله ابن عمرو ، وشفىّ بن ماتع ، توفى سنة ١٢٧ أو ١٢٨ ه / ٧٤٦ م عن عمر يناهز المائة. انظر : ابن سعد : الطبقات الكبرى ، ج ٧ ، ص ٥١٢ ، ط. دار صادر ، بيروت ١٩٦٨ ؛ الذهبى : سير أعلام النبلاء ، ج ٥ ، ص ٢١٤ ـ ٢١٥ ، ط. ١١ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ١٩٩٦.