الهرم تحت الهرم ، [ثم](١) يحفر له طريق فى الأرض ، ويعقد (٢) أزج (٣) ، ويكون طول الأزج تحت الأرض مائة ذراع وأكثر. ولكل هرم من هذه الأهرام باب / يدخل منه على [٣٥] ما وصفت.
قيل له : فكيف بنيت هذه الأهرام المملسة؟ وعلى أى شىء كانوا يصعدون ويبنون؟ وعلى أى شىء كانوا يحملون هذه الأحجار العظيمة ، الذى لا يقدر أهل زماننا هذا على أن يحركوا الحجر الواحد إلا بجهد ، إن قدروا؟.
فقال : كان القوم يبنون الهرم مدرجا ذا مراقى كالدرج ، فإذا فرغوا منه نحتوه من فوق إلى أسفل ، هذه كانت حيلتهم. وكانوا مع هذا لهم قوة وصبر وطاعة لملوكهم [ديانة](٤).
فقيل له : ما بال هذه الكتابة التى على الأهرام والبرابى (٥) لا تقرأ؟. فقال : دثر الحكماء وأهل العصر الذين كان هذا قلمهم ، وتداول أرض مصر الأمم ، فغلب على أهلها القلم الرومى ، وذهب عنهم كتابة آبائهم. وإن من تلك الكتابة : إنا بنيناها ، فمن يدعى موازاتنا فى الملك ، / أو بلوغنا فى القدرة ، وانتهاءنا من السلطان ، فليهدمها وليزل [٣٦] رسمها ، فإن الهدم أيسر (٦) من البناء ، والتفريق أيسر من التأليف (٧).
وقد ذكر أن بعض ملوك الإسلام شرع فى هدم بعضها ، فإذا خراج (٨) مصر وغيرها من الأرض لا يفى بقلعها ، وهى من الحجر والرخام.
__________________
(١) «الذى ثم» فى نسخة ز. «الذى» فى نسخة ح. والمثبت هو الأنسب للسياق ، وهو كما فى مروج الذهب ، ج ١ ، ص ٣٥٠.
(٢) «بعقد» فى مروج الذهب ، ج ١ ، ص ٣٥٠.
(٣) الأزج : بناء مستطيل مقوس السقف. وجمعها : آزاج. المعجم الوجيز ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٨٤.
(٤) «وتابته» فى نسختى المخطوطة. والمثبت بين الحاصرتين من مروج الذهب ، ج ١ ، ص ٣٥٠.
(٥) البرابى : بيوت الحكمة ، وهى الدور التى كان المصريون القدامى يتعلمون فيها العلوم وخاصة اللاهوتية. انظر : مروج الذهب ، ج ١ ، ص ٣٦٠ ـ ٣٦١ ؛ فضائل مصر وأخبارها ، ص ٦٥ ، حاشية (٩) ؛ معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٥٣٢.
(٦) «أسير» فى نسخة ح.
(٧) راجع هذا القول لابن حوقل فى صورة الأرض ، ص ١٣٦.
(٨) «خرج» فى نسخة ح.