عود الضمير على متأخر لفظا ، لأن الفاعل منويّ التقديم على المفعول لأن الأصل في الفاعل أن يتصل بالفعل فهو متقدم رتبة وإن تأخر لفظا. فلو اشتمل المفعول على ضمير يرجع إلى ما اتصل بالفاعل فهل يجوز تقديم المفعول على الفاعل؟ في ذلك خلاف ، وذلك نحو «ضرب غلامها جار هند» (١) فمن أجازها وهو الصحيح وجّه الجواز بأنه لما عاد الضمير على ما اتصل بما رتبته التقديم كان كعوده على ما رتبته التقديم. لأن المتصل بالمتقدم متقدم.
وقوله : «وشذّ إلى آخره» أي شذّ عود الضمير من الفاعل المتقدم على المفعول المتأخّر ، وذلك نحو «زان نوره الشجر» فالهاء المتصلة بنور الذي هو الفاعل. عائدة على «الشجر». وهو المفعول ، وإنما شذ ذلك لأن فيه عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ، لأن الشجر مفعول وهو متأخر لفظا ، والأصل في المفعول أن ينفصل عن الفعل ، فهو متأخر رتبة وهذه المسألة ممنوعة عند جمهور النحويين (٢) وما ورد من ذلك تأوّلوه ، وأجازها أبو عبد الله الطّوال من الكوفيين .. وأبو الفتح بن جني ، وتابعهما المصنف (٣).
ومما ورد من ذلك قوله :
__________________
(١) ضرب : فعل ماض مبني على الفتح. غلام : مفعول به مقدم منصوب. ها : ضمير متصل في محل جر مضاف إليه وهو عائد على هند المتصلة بالفاعل المتأخر «جار». جار : فاعل متأخر مرفوع. هند : مضاف إليه.
(٢) ممنوعة عند الجمهور شعرا ونثرا.
(٣) جائزة عند هؤلاء شعرا ونثرا. وبقي قول ثالث وهو الحق والصحيح أنها جائزة شعرا لا نثرا. كما ذكر ابن هشام في أوضح المسالك.