لا يخلو أفعل التفضيل من أن يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه ، أولا.
فإن لم يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه لم يرفع ظاهرا ، وإنما يرفع ضميرا مسترا ، نحو «زيد أفضل من عمرو» ففي «أفضل» ضمير مستتر عائد على «زيد» فلا تقول : «مررت برجل أفضل منه أبوه» فترفع «أبوه» ب «أفضل» إلا في لغة ضعيفة حكاها سيبويه (١) فإن صلح لوقوع فعل بمعناه موقعه صحّ أن يرفع ظاهرا قياسا مطردا ، وذلك في كل موضع وقع فيه أفعل بعد نفي أو شبهه ، وكان مرفوعه أجنبيا (٢) ، مفضّلا على نفسه باعتبارين (٣) ، نحو «ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد» ف «الكحل» مرفوع ب «أحسن» لصحة وقوع فعل بمعناه موقعه ، نحو : «ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كزيد» ومثله قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما من أيام أحبّ إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجّة».
وقول الشاعر : وأنشده سيبويه :
١٩ ـ مررت على وادي السباع ولا أرى |
|
كوادي السّباع ـ حين يظلم ـ واديا |
__________________
(١) في هذه اللغة تكون «أفضل» نعتا لرجل مجرورا بالفتحة وأبوه فاعله. ولكن أكثر العرب يرفعون «أفضل» خبرا مقدما عن «أبوه» والجملة نعت لرجل.
(٢) أي لم يتصل بضمير الموصوف ، بأن يكون منقطع الصلة بموصوف أفعل التفضيل.
(٣) أي باعتبار محلين كعين زيد والعين الأخرى ، فالمفضّل والمفضّل عليه شيء واحد هو «الكحل» لكن فضل باعتبار مكان. هو عين زيد. على نفسه في مكان آخر.