٤٣ ـ ما حمّ من موت حمى واقيا |
|
ولا ترى من أحد باقيا (١) |
ومنه قوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)(٢) ف «لها كتاب» جملة في موضع الحال من «قرية» وصحّ مجيء الحال من النكرة لتقدم النفي عليها ، ولا يصحّ كون الجملة صفة لقرية ، خلافا للزمخشري لأن الواو لا تفصل بين الصفة والموصوف ، وأيضا وجود «إلا» مانع من ذلك ؛ إذ لا يعترض ب «إلا» بين الصفة والموصوف ، وممن صرّح بمنع ذلك : أبو الحسن الأخفش في المسائل ، وأبو علي الفارسي في التذكرة. ومثال ما وقع بعد الاستفهام قوله :
__________________
(١) قائله غير معروف. حمّ : مبني للمجهول. قدّر : حمى : موضع حماية.
المعنى : «ليس هناك موضع حماية يحفظ الإنسان من الموت ، ولا ترى أحدا باقيا مخلدا في الدنيا بل كلّ من عليها فان».
الإعراب : ما حم : ما نافية. حم : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. من موت. جار ومجرور متعلق بواقيا. حمى : نائب فاعل حمّ مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. واقيا : حال من حمى منصوب بالفتحة ولا : الواو عاطفة. لا نافية. ترى : مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. من أحد : من حرف جر زائد ، أحد مفعول به أول لترى ـ بمعنى تعلم ـ منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. باقيا : مفعول به ثان لترى منصوب. ويمكن إعراب «باقيا» حال من أحد على اعتبار «ترى» بمعنى تبصر يكتفى بمفعول به واحد.
الشاهد : في قوله : «ما حم حمى واقيا» حيث جاءت الحال «واقيا» من النكرة «حمى» والمسوغ وقوع النكرة بعد النفي. إذا اعربت «ترى» بصرية يكون في البيت شاهد ثان حيث تكون «باقيا» حال من أحد وهو نكرة وسوغ ذلك وقوع النكرة بعد النفي أيضا.
(٢) الآية ٤ من سورة الحجر ، وهي تامة في الشرح.