الأحاديث المشوقة الى البكاء على مصائب آل الرسول ، فبيان تلك المصائب للأنظار أيضاً له تأثير عظيم ، ويجعل العام والخاص من هذه الفرقة راسخ العقيدة فوق التصور. وهذه النكات الدقيقة أصبحت سبباً في أنه لم يسمع بأحد من هذه الفرقة من ابتداء ترقي مذهب الشيعة أنه ترك دين الاسلام ، أو دخل في فرقة إسلامية أخرى. هذه الفرقة تقيم المآتم بأقسام مختلفة ، فتارة في مجالس مخصوصة ومقامات معينة ، وحيث إنه في أمثال هذه المجالس المخصوصة والمقامات المعينة يكون اشتراك الفرق الأخرى معهم أقل ، أوجدوا المآتم بوضع خاص ، فعملوا في الأزقة والأسواق ، وداروا به بين جميع الفرق. وبهذا السبب تتأثر قلوب جميع الفرق منهم ومن غيرهم بذلك الأمر الذي يجب أن يحصل من البكاء. ولم يزل هذا العمل شيئاً فشيئاً يورث توجه العام والخاص اليه حتى أن بعض الفرق الاسلامية الأخرى وبعض الهنود قلدوا الشيعة فيه ، واشتركوا معهم في ذلك. وهذا العمل في الهند أكثر رواجاً منه في جميع الممالك الاسلامية ، كما أن سائر فرق الاسلام هناك أكثر اشتراكاً مع الشيعة في هذا العمل من سائر البلاد.
ويظن أن هذا العمل بين الشيعة قد جاء من ناحية سياسة السلاطين الصفوية ، الذين كانوا أول سلسلة استولت على السلطة بقوة المذهب ، ورؤساء الشيعة الروحانيون أيدوا هذا العمل ، وأجازوه شيئاً فشيئاً.
ومن جملة الأمور التي صارت سبباً في ترقي هذه الفرقة وشهرتها في كل مكان ، هو إزادة أنفسهم بالرأي الحسن ، بمعنى أن هذه الطائفة بواسطة مجلس المآتم واللطم والدوران وحمل الأعلام في مأتم الحسين جلبت اليها قلوب باقي الفرق ، بالجاه والاعتبار ، والقوة والشكوكة ».
ويختم الكاتب كلامه بقوله :
« لهذا نرى أنه في كل مكان ولو كانت جماعة من الشيعة قليلة ، يظهر عددها في الأنظار بقدر ما هي عليه مرتين ، وشوكتها وقدرتها بقدر ما هي عليها