قرية « طويريج » الواقعة على بعد عشرة أميال شرقي مدينة كربلاء ، على شاطئ نهر الفرات ، والتي تعرف بالهندية. إذ منذ الصباح الباكر في هذا اليوم تحتشد مواكب هذه القرية ، مهرولة بجموعها نحو كربلاء وكلما اقتربت من هذه المدينة التحقت بها جموع بقية عشائر وسكان القصبات والدساكر والتجمعات العشائرية التي تمر بها ، فيتألف منها حوالي مائة ألف نسمة ، من الرجال والنساء ، والشيوخ والشباب والأطفال ماشين على الأقدام ، يصلون كربلاء عند زوال ذلك اليوم ، وهم ما بين معول وصارخ ، وباك ومفجوع ، ولاطم. ويشترك معهم في ضواحي مدينة كربلاء سكانها ثم يدخلون صحن الامام الحسين ، ثم يدورون حول ضريح الامام الشهيد ، ثم يتوجهون الى ضريح أخيه العباس ، وبعدها يمرون ببعض شوارع المدينة الى أن يصلوا الى محل مخيم الامام الحسين عليهالسلام وهناك يعيدون ذكرى فاجعة الطف ، ثم يتفرقون.
أما منشأ هذا الموكب الذي يرتقي بتاريخه الى أكثر من ثلاثة قرون ، فهو أن المشتركين فيه يعتقدون بأنهم يمثلون أفخاذ بني عامر من عشائر بني أسد الذين حضروا ساحة القتال عصر اليوم الثاني عشر من المحرم سنة ٦١ هـ ، بعد أن غادرها جيش ابن سعد في اليوم الحادي عشر منه ، متوجهاً الى الكوفة ومعه الرؤوس والسبايا ، ودفنوا أجداث الشهداء بعد أن بقيت هذه الأجساد ليلتين وثلاثة أيام في العراء ، وهذه المواكب التي تفد بجموعها على كربلاء ، وتشترك في هذا اليوم في مأتم الامام الشهيد ، إنما تحيي ذكرى أجدادها الاشاوس من عشائر بني أسد.
ويذكر المعمرون ان مبدأ هذا العزاء شرع منذ أكثر من ٣٠٠سنة ، حيث أخذت العشائر القاطنة في المنطقة الواقعة بين الحلة وكربلاء ، بالقرب من قرية « طويريج » ، تأتي عند زوال اليوم الثاني عشر من المحرم كل سنة الى كربلاء ، وتشترك في العزاء الحسيني على شكل جماعات صغيرة.