يقول من كساني كساه الله من ثياب الجنة ، فخلع رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، قميصه الذي اشتراه وكساه السائل ، ثم رجع إلى السوق فاشترى بالأربعة التي بقيت قميصاً آخر فلبسه وحمد الله ورجع إلى منزله ، وإذا الجارية قاعدة على الطريق ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما لك لا تأتين أهلك؟ قالت : يا رسول الله إني قد أبطأت عليهم وأخاف أن يضربوني ، فقال لها رسول الله ، صلىاللهعليهوآله : مرّي بين يدي ودليني على أهلك ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حتى وقف على باب دارهم ، ثم قال : السلام عليكم يا أهل الدار، فلم يجيبوه ، فأعاد السلام فلم يجيبوه ، فأعاد السلام فقالوا : عليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، فقال لهم : ما لكم تركتم إجابتي في أول السلام والثاني؟! قالوا : يا رسول الله سمعنا سلامك فاحببنا أن نستكثر منه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن هذه الجارية أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها ، فقالوا : يا رسول الله هي حرة للممشاك ، فقال رسول الله : الحمد لله ، ما رأيت اثني عشر درهماً أعظم بركة من هذه ، كسا الله بها عريانين وأعتق بها نسمة » (١).
والسلام في حديث الدراهم سلام الإعلام ؛ إذ لم يدل على أزيد من مجيء الرسول ، صلىاللهعليهوآله ، إلى دار الجارية وشفاعتها الحاصلة عند الوصول إلى باب الدار ، ولم يذكر في الحديث دخوله ، صلىاللهعليهوآله ، الدار ، فلعل السلام فيه سلام الإعلام فحسب.
ثم المفهوم من هذه الأحاديث محبوبية تكرار سلام الإذن إلى ثلاث مرات ، فإن أجيب وإلا رجع المسلم ، كما إذا أمر بالرجوع لقوله تعالى : ( ... وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى والله بما تعملون عليم ) (٢). إذ لعل صاحب البيت قائم بأمر لا ينبغي لأحد التطلع عليه ، والله عز وجل عليم بما للعباد فيه من شؤون حياتهم المعاشية وما يعقبها من أمور ، ويعلم المطيع لأوامره تعالى ، والمتمرد عنها. وإنما ذكرنا قصة
__________________
١ ـ أمالي الشيخ الصدوق ٢١١ ـ ٢١٢ ، المجلس ٤٢ ، الوسائل ٨ | ٤٤٥ ، الباب ٤٠ من أبواب أحكام العشرة ، الحديث ٢.
٢ ـ النور : ٢٧ ـ ٢٨.