والتحية البقاء قال :
مِنْ كلّ ما نال الفتى |
|
قد نلتُه إلاّ التحيّهْ |
يعني المَلِك وإنما سمي بذلك ، لأن المَلِك يحيا بالسلام ، والثناء الحسن (١).
وقال الآخر : التحية مصدر حياه : إذا قال له : حياك الله. هذا هو الأصل ، ثم صارت التحية اسماً لكل ما يقوله المرء لمن يلاقيه أو يقبل عليه من نحو دعاء أو ثناء كقولهم : أنعم صباحاً وأنعم مساءً. وقالوا عم صباحاً ومساءً ، وجعلت تحية المسلمين السلام. للإشعار بأن دينهم دين السلام والإيمان ، وأنهم أهل السلم ومحبو السلامة. ومن التحيات الشائعة في بلادنا إلى هذا اليوم : أسعد الله صباحكم ، أسعد الله مساءكم ـ وهذا بمعنى قول العرب القدماء : أنعم صباحاً ومساءً ـ ونهارك سعيد ، وليلتك سعيدة وهذا مترجم عن الأفرنجية. وقد أوجب الله تعالى علينا في هذه الآية أن نجيب من حيانا ، بأحسن من تحيته ، أو بمثلها ، أو عينها ، كأن نقول له الكلمة التي يقولها وهذا هو ردها وفسروه : ... (٢).
أقول : يأتي البحث عن صيغ التحية (٣) وهل هي تخص الأقوال ، أو تعم الأفعال أيضاً؟.
الحق العموم ، وعليه عمل المعصوم عليهالسلام وقوله ، روحي فداه ، قال ابن شهر اشوب : قال أنس : حَيَّتْ جارية الحسن بن علي عليهماالسلام بطاقة ريحان فقال لها : أنت حرة لوجه الله ، فقيل له في ذلك؟ فقال : أدبنا الله تعالى فقال : ( وإذا حُييتم بتحية فحيوا بأحسن منها ) الآية (٤) ، وكان أحسن منها إعتاقها (٥).
__________________
١ ـ تفسير مجمع البيان ٤ | ٨٤ ـ ٨٥. وقد سبق هذا الشعر ـ مع تغيير غير مضر ـ عند التكلم على الحديث التاسع من أحاديث ( ٧ ـ أدب السلام ) وكلام ابن الأثير فراجع.
٢ ـ تفسير المنار ٥ | ٣١١ ـ ٣١٢.
٣ ـ في الأمر الثاني.
٤ ـ النساء : ٨٦.
٥ ـ المناقب ٤ | ١٨ ، تفسير الصافي ١ | ٣٩٩ ، تفسير نور الثقلين ١ | ٤٣٥ ، تفسير الميزان ٥ | ٣٥. وفي بعض النسخ منها « جاءت » مكان « حَيّت ».