ففي علوي : « إن أولى الناس بالأنبياء أعملهم بما جاؤوا به ، ثم تلا هذه الآية ، قال : إنّ وليّ محمّد صلىاللهعليهوآله مَن أطاع الله وإن بعدت لحمته ، وإن عدوّ محمد صلىاللهعليهوآله مَن عصى الله وإن قربت قرابته » (١).
تصريح : بأنّ الوليّ يراد به القريب ، ولم يرد من الأولى في هذه الأحاديث التفضيل حتى يقال : إنّ تارك السلام لا قرب له ليكون البادئ به أقرب ، فتفطن إلى مساغ الآية والحديث. وهنا احتمال آخر لأولوية البادىء ، وهو التشابه في التخلق بأخلاق الله والرسول ، حيث اقتدى البادئ بالسلام بهما فيه دون التارك له ، وقد عرفت أنه تعالى هو الأول له حتى سمى نفسه به ، وأمر نبيه بأن يسلم على المؤمنين وقد اتبعه أهل بيته عليهمالسلام في كل خير ، ومنه السلام.
فالله المعلم الأول ، ثم الرسول كما جاء في آية ( علّم الإنسان ما لم يعلم ) (٢) أنه علم عليّاً عليهالسلام (٣) ، وكذا باقي الأئمة عليهمالسلام القدوة في السلام وفي كل أمر خير ، وأنهم أمروا بالسلام وابتدأوا به ، فالمقتدي في السلام متخلق بأخلاقهم. وإنك قد عرفت ذلك كله من الأحاديث السالفة ، من أن البادئ بالسلام أولى بالله ورسوله ، وبالأئمة المعصومين أيضاً ؛ وإنما اكتفى بهما دون الأئمة ، إما لكونهم نفس الرسول صلى الله عليه وعليهم ، أو جرياً على الأخذ بالمتفق عليه ، وإلا فلا ريب عندنا أن كل ما ثبت للرسول ثابت لهم أيضاً ، إلا الخصائص ، وهنا احتمال ثالث لمعنى الأولوية :
وهو بيان شروط الأولوية بالله وبالرسول ، وأن الابتداء بالسلام من تلك الشروط ، وأنه لزام على الداعي إلى الله والرسول كما كان ، صلى الله
__________________
١ ـ تفسير الصافي ١ | ٢٧١.
٢ ـ العلق : ٤ ـ ٥.
٣ ـ تفسير الصافي ٢ | ٨٣٣.
ومن روايات السلام النبوي الوارد في الأرحام : « صِلوا أرحامكم في الدنيا ولو بالسلام » مستدرك الوسائل ١٥ | ٢٥٥. وفي لفظ : « بلّوا أرحامكم ولو بالسلام » عوالي اللآلي ١ | ٢٥٥.