أن يكون تعريف العهد والمراد به إبليس باعتبار أن ما يوسوس به جنده وأتباعه ، هو صادر عن أمره وسلطانه.
والتذكر استحضار المعلوم السابق ، والمراد : تذكروا أوامر الله ووصاياه ، كقوله : (ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) [آل عمران : ١٣٥] ويشمل التذكر تذكر الاستعاذة لمن أمر بها من الأمم الماضية ، إن كانت مشروعة لهم ، ومن هذه الأمة ، فالاقتداء بالذين اتقوا يعم سائر أحوال التذكر للمأمورات.
والفاء لتفريع الإبصار على التذكر. وأكد معنى (فاء) التعقيب ب (إذا) الفجائية الدالة على حصول مضمون جملتها دفعة بدون تريث ، أي تذكروا تذكر ذوي عزم فلم تتريث نفوسهم أن تبين لها الحق الوازع عن العمل بالخواطر الشيطانية فابتعدت عنها ، وتمسكت بالحق ، وعملت بما تذكرت ، فإذا هم ثابتون على هداهم وتقواهم.
وقد استعير الإبصار للاهتداء كما يستعار ضده العمى للضلال ، أي : فإذا هم مهتدون ناجون من تضليل الشيطان ، لأن الشيطان أراد إضلالهم فسلموا من ذلك ووصفهم باسم الفاعل دون الفعل للدلالة على أن الإبصار ثابت لهم من قبل ، وليس شيئا متجددا ، ولذلك أخبر عنهم بالجملة الاسمية الدالة على الدوام والثبات.
(وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (٢٠٢))
عطف على جملة (الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا) [الأعراف : ٢٠١] عطف الضد على ضده ، فإن الضدية مناسبة يحسن بها عطف حال الضد على ضده ، فلما ذكر شان المتقين في دفعهم طائف الشياطين ، ذكر شان أضدادهم من أهل الشرك والضلال ، كما وقعت جملة : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة : ٦] من جملة (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) في سورة البقرة [٢ ، ٣].
وجعلها الزّجاج عطفا على جملة (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) [الأعراف : ١٩٢] أي ويمدونهم في الغي ، يريد أن شركاءهم لا ينفعونهم بل يضرونهم بزيادة الغي. والإخوان جمع أخ على وزن فعلان مثل جمع خرب و ـ وهو ذكر بزيادة الغي.
والإخوان جمع أخ على وزن فعلان مثل جمع خرب ـ وهو ذكر الحبارى ـ على خربان.