متجاورة فخسف بها وصار عاليها سافلها. وكانت في جهات الأردن حول البحر الميت ، ونبأ هؤلاء مشهور معلوم ، وهو خبر هلاكهم واستئصالهم بحوادث مهولة.
وجملة : (أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) تعليل أو استئناف بياني نشأ عن قوله : (نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي أتتهم رسلهم بدلائل الصدق والحقّ.
وجملة (فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) تفريع على جملة (أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) ، والمفرّع هو مجموع الجملة إلى قوله : (يَظْلِمُونَ) لأنّ الذي تفرّع على إتيان الرسل : أنّهم ظلموا أنفسهم بالعناد ، والمكابرة ، والتكذيب للرسل ، وصمّ الآذان عن الحقّ ، فأخذهم الله بذلك ، ولكن نظم الكلام على هذا الأسلوب البديع إذا ابتدئ فيه بنفي أن يكون الله ظلمهم اهتماما بذلك لفرط التسجيل عليهم بسوء صنعهم حتّى جعل ذلك كأنّه هو المفرّع وجعل المفرّع بحسب المعنى في صورة الاستدراك.
ونفي الظلم عن الله تعالى بأبلغ وجه ، وهو النفي المقترن بلام الجحود ، بعد فعل الكون المنفي ، وقد تقدّم الكلام عليه عند قوله تعالى : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) من سورة العقود [٦].
وأثبت ظلمهم أنفسهم لهم بأبلغ وجه إذ أسند إليهم بصيغة الكون الماضي ، الدالّ على تمكّن الظلم منهم منذ زمان مضى ، وصيغ الظلم الكائن في ذلك الزمان بصيغة المضارع للدلالة على التجدّد والتكرّر ، أي على تكرير ظلمهم أنفسهم في الأزمنة الماضية.
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١))
هذه تقابل قوله : (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) [التوبة : ٦٧] لبيان أنّ الطائفة التي ينالها العفو هي الملتحقة بالمؤمنين.
فالجملة معطوفة على جملة : (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) [التوبة : ٦٧] وما بينهما جمل تسلسل بعضها عن بعض.
وقوله : (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) مقابل قوله : في المنافقين (بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) [التوبة : ٦٧]. وعبّر في جانب المؤمنين والمؤمنات بأنّهم أولياء بعض للإشارة إلى أنّ اللحمة