لتحقق وقوعه أو لأن النصر في خيبر كان بادرة لفتح مكة.
وعن قتادة : نزلت قبل وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بسنتين. وقال الواحدي عن ابن عباس : «نزلت منصرفه من حنين» ، فيكون الفتح قد مضى ودخول الناس في الدين أفواجا مستقبلا ، وهو في سنة الوفود سنة تسع ، وعليه تكون (إذا) مستعملة في مجرد التوقيت دون تعيين.
وروى البزار والبيهقي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عمر أنها نزلت أواسط أيام التشريق (أي عام حجة الوداع). وضعفه ابن رجب بأن فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف. وقال أحمد بن حنبل : لا تحل الرواية عنه وإن صحت هذه الرواية كان الفتح ودخول الناس في الدين أفواجا قد مضيا.
وعن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عاش بعد نزولها نحوا من ثلاثة أشهر وعليه تكون (إذا) مستعملة للزمن الماضي لأن الفتح ودخول الناس في الدين قد وقعا.
وقد تظافرت الأخبار رواية وتأويلا أن هذه السورة تشتمل على إيماء إلى اقتراب أجل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وليس في ذلك ما يرجح أحد الأقوال في وقت نزولها إذ لا خلاف في أن هذا الإيماء يشير إلى توقيت بمجيء النصر والفتح ودخول الناس في الدين أفواجا فإذا حصل ذلك حان الأجل الشريف.
وفي حديث ابن عباس في «صحيح البخاري» : هو أجل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعلمه له قال : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) [النصر : ١] وذلك علامة أجلك : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ) [النصر : ٣].
وفي هذا ما يؤوّل ما في بعض الأخبار من إشارة إلى اقتراب ذلك الأجل مثل ما في حديث ابن عباس عند البيهقي في «دلائل النبوة» والدّارمي وابن مردويه : لما نزلت : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاطمة وقال : إنه قد نعيت إليّ نفسي فبكت» إلخ ، فإن قوله : «لما نزلت» مدرج من الراوي ، وإنما هو إعلام لها في مرضه كما جاء في حديث الوفاة في «الصحيحين» فهذا جمع بين ما يلوح منه تعارض في هذا الشأن.
وعدها جابر بن زيد السورة المائة والثلاث في ترتيب نزول السور ، وقال : نزلت بعد سورة الحشر وقبل سورة النور. وهذا جار على رواية أنها نزلت عقب غزوة خيبر.
وعن ابن عباس أنها آخر سورة نزلت من القرآن فتكون على قوله السورة المائة وأربع عشرة نزلت بعد سورة براءة ولم تنزل بعدها سورة أخرى.