المتقي : من يعلم منه ربه التقوى. وهذه الجملة وعد ووعيد. ولما ذكر المتقين ذكر شيئا من صفاتهم.
فذكر الله تعالى أوصاف المتقين ، وهم الذين يقولون : ربنا إننا آمنا بما أنزلته على رسلك إيمانا ثابتا راسخا في القلب ، مهيمنا على كل أعمالنا ، فاستر ذنوبنا بعفوك ، وادفع عنا عذاب النار ، إنك أنت الغفور الرحيم.
وهم أيضا الصابرون على أداء الطاعات وترك المعاصي ، الراضون بقضاء الله وقدره ، ولا شك أن الصبر يقوي الإرادة ، ويعصم النفس عن الانزلاق في الأهواء والشهوات والمنكرات.
وهم الصادقون في إيمانهم وأقوالهم وأفعالهم ، يترجمون عنه بكل شيء حميد وخلق عال ، كما قال تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ، وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ. لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) [الزمر ٣٩ / ٣٣ ـ ٣٤].
وهم القانتون المداومون على الخشوع والطاعة والضراعة إلى الله ، وذلك لب العبادة وروحها. والمنفقون أموالهم في سبيل الله نفقة واجبة أو مستحبة. والمستغفرون بالأسحار بالتهجد في آخر الليل ، والدعاء بالمغفرة والرضا. والاستغفار المطلوب : ما يقرن بالتوبة النصوح والعمل على وفق حدود الدين ، ولا يكفي الاستغفار باللسان مع الإقامة على المعصية ، فإن المستغفر من الذنب ، وهو مقيم على معصيته ، كالمستهزئ بربه.
وأفضل صيغة للاستغفار : ما رواه البخاري عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : سيد الاستغفار أن تقول : «اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت».