الدّين ، واتّخاذهم أولياء وأنصارا في شيء تقدّم فيه مصلحتهم على مصلحة المؤمنين ، كما فعل حاطب بن أبي بلتعة ؛ لأن فيه إعانة للكفر على الإيمان.
وقصة حاطب المسندة في الصحيحين وغيرهما ملخصها : «أن حاطبا كتب كتابا لقريش يخبرهم فيه باستعداد النّبي صلىاللهعليهوسلم للزّحف على مكة ، إذ كان يتجهّز لفتحها ، وكان يكتم ذلك ، ليبغت قريشا على غير استعداد منها ، فتضطر إلى قبول الصلح ـ وما كان يريد حربا ـ وأرسل حاطب كتابه مع جارية وضعته في عقاص شعرها ، فأعلم الله نبيّه بذلك ، فأرسل في أثرها عليّا والزّبير والمقداد ، وقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب ، فخذوه منها ، فلما أتي به ، قال :
يا حاطب ما هذا؟ فقال : يا رسول الله ، لا تعجل عليّ! إنّي كنت حليفا لقريش ، ولم أكن من أنفسها ، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم ، فأحببت إذ فاني ذلك من النّسب فيهم أن أتّخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي ، ولم أفعله ارتدادا عن ديني ، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ، فقال عليه الصلاة والسلام : «أما إنه قد صدقكم» ، واستأذن عمر النّبي صلىاللهعليهوسلم في قتله فلم يأذن له ، قالوا : وفي ذلك نزل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ، وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ، يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ) [الممتحنة ٦٠ / ١].
أي أن آية : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ ..) لم تنزل في قصة حاطب ، وإنما هذه الآية وما نزل في قصة حاطب يشتركان في النهي عن موالاة الكافرين.
ولا تمنع هاتان الآيتان وأمثالهما التّحالف أو الاتّفاق بين المسلمين وغيرهم ، وإن كان التّحالف أو الاتّفاق لمصلحة غير المسلمين ؛ لأن النّبي صلىاللهعليهوسلم كان محالفا خزاعة ، وهم على شركهم.