وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي نحوه. وأخرج ابن جرير الطبري عن محمد بن كعب القرظي قال : افتخر طلحة بن شيبة والعباس وعلي بن أبي طالب ، فقال طلحة : أنا صاحب البيت معي مفتاحه ، وقال العباس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ، فقال علي : لقد صليت إلى القبلة قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ) الآية كلها.
والخلاصة : أن الأصح في سبب النزول ما ذكره النعمان بن بشير ، والروايات الأخرى عن الحسن والشعبي والقرظي وابن سيرين تفصيل لمجمل رواية النعمان.
المناسبة :
هذه الآية مرتبطة بما قبلها ، ومكملة لها ، فالآية السابقة أوضحت أن عمارة المسجد الحرام مقبولة إذا كانت صادرة عن إيمان ، فهي للمسلمين دون المشركين ، وهذه الآية أبانت أن الإيمان والجهاد أفضل مما كان يفخر به المشركون من عمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج.
التفسير والبيان :
هذه الآية خطاب للمؤمنين بحسب حديث النعمان بن بشير ، وقيل : هي خطاب للمشركين بدليل السياق ، والأصح أنها تضمنت المفاضلة التي جرت بين المسلمين والكافرين ، لقوله تعالى : (كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ) فإن العباس ـ كما تقدم ـ احتج على فضائل نفسه بأنه عمر المسجد الحرام وسقى الحاج.
والمعنى : أجعلتم أهل السقاية وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر ، وجاهد في سبيل الله سواء في الفضيلة والدرجة؟ فإن السقاية والعمارة ، وإن كانتا من أعمال الخير ، فأصحابهما لا يساوون في المنزلة أهل الإيمان والجهاد.
وهذا معنى قوله : (لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ) أي لا تساوي أبدا بين الفريقين