آجلة ، فقال : (فَتَرَبَّصُوا ...) أي فانتظروا العقاب الآتي عاجلا أو آجلا. قال الزمخشري : وهذه آية شديدة ، لا ترى أشد منها ، كأنها تنعى على الناس ما هم عليه من رخاوة عقد الدين ، واضطراب حبل اليقين (١). وقال البيضاوي : وفي الآية تشديد عظيم وقل من يتخلص منه.
ثم قال تعالى : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) أي لا يرشد العصاة الخارجين عن حدود الدين ومقتضى العقل والحكمة أو عن طاعة الله إلى معصيته.
ونظير هذه الآية قوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ، وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ، أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ، وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ...) [المجادلة ٥٨ / ٢٢].
فقه الحياة أو الأحكام :
ظاهر آية : (لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ ...) أنها خطاب لجميع المؤمنين ، وهي باقية الحكم إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين.
وخص الله سبحانه الآباء والإخوة ؛ إذ لا قرابة أقرب منها ، فنفى الموالاة بينهم كما نفاها بين الناس بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) [المائدة ٥ / ٥١] ليبين أن القرب قرب الأديان ، لا قرب الأبدان.
ولم يذكر الأبناء في هذه الآية ؛ إذ الأغلب من البشر أن الأبناء هم التبع للآباء.
والإحسان وهبة الأشياء مستثناة من الولاية ، بدليل ما أخرجه البخاري :
__________________
(١) الكشاف : ٢ / ٣٣