ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة» والسبب أن غدره يفقد الثقة بعهوده ومصالحاته ، فيعظم ضرره ، ويكون ذلك منفّرا عن الدخول في الدين ، وموجبا لذم أئمة المسلمين.
فأما إذا لم يكن للعدو عهد ، فيمكن اتخاذ كل الحيل والخديعة معه ، وعليه يحمل قولهصلىاللهعليهوآلهوسلم فيما رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن جابر : «الحرب خدعة» وإذا كان العدو اليوم مثل اليهود في الأرض المحتلة لا يعتد بعهد ولا ذمّة ، فتكون مفاجأته من ألوان الفن الحربي.
وهل يجاهد مع الإمام الغادر؟ للعلماء رأيان : ذهب أكثرهم إلى أنه لا يقاتل معه ، بخلاف الخائن والفاسق ، وذهب بعضهم إلى الجهاد معه.
ثم ذكر الله تعالى حال من فاته العقاب يوم بدر ، وظل على قيد الحياة ، وهو أن شأنهم يسير هيّن على الله ، فهم إن تخلصوا من الأسر والقتل لا يعجزون الله من الانتقام منهم في الآخرة ، بل لا يعجزونه من العقاب في الدنيا حتى يظفر الله الرسول بهم. والمقصود تسلية الرسول فيمن فاته ، ولم يتمكن من التشفي والانتقام منه.
الإعداد الحربي لقتال الأعداء بحسب الطاقة والاستطاعة
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٦٠))
الإعراب :
(تُرْهِبُونَ بِهِ) الهاء في (بِهِ) إما أن تعود على (مَا) أو على الرباط ، أو على الإعداد المفهوم من قوله : (وَأَعِدُّوا).